أعلنت كل من إيطاليا وإسبانيا إرسال سفن عسكرية لدعم أسطول الصمود الدولي، الذي يضم نحو 50 قاربًا مدنيًا، عقب تعرضه لهجوم بطائرات مسيرة أثناء إبحاره في المياه الدولية على بعد 30 ميلاً بحريًا من جزيرة جافدوس اليونانية. ويهدف الأسطول إلى كسر الحصار البحري المفروض على القطاع منذ سنوات، فيما تعتبره إسرائيل تحديًا مباشرًا لأمنها.
وقال وزير الدفاع الإيطالي جويدو كروزيتو، اليوم الخميس 25 سبتمبر 2025، إن إرسال السفينتين لدعم أسطول الصمود الدولي يندرج ضمن واجب الدولة في حماية مواطنيها المشاركين بالأسطول، نافياً أن يكون الأمر “عملًا حربيًا أو استفزازًا”.
أما رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني فقد وصفت المبادرة بأنها “غير مبررة وخطيرة”، لكنها أكدت أن البحرية الإيطالية لن تلجأ إلى القوة العسكرية. وفي موازاة ذلك، أرسلت إسبانيا سفينة حربية لتعزيز الدعم، في خطوة غير مسبوقة من حكومات أوروبية تجاه تحركات ناشطين لكسر الحصار.
ورفضت المجموعات المشاركة في الأسطول، ومن بينها ناشطون دوليون مثل السويدية جريتا تونبري، المقترح الإيطالي القاضي بإنزال المساعدات في قبرص لتوزيعها لاحقًا عبر الكنيسة الكاثوليكية في القدس، مؤكدة التمسك بالهدف الأصلي وهو “إيصال المساعدات مباشرة إلى غزة”. في المقابل، اعتبرت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن ما يجري “استفزازًا أكثر منه مبادرة إنسانية”، محذّرة من “عواقب” في حال واصل الأسطول رحلته باتجاه شواطئ القطاع.
ويعيد هذا المشهد إلى الأذهان أحداث عام 2010، عندما اقتحمت قوات خاصة إسرائيلية سفينة “مرمرة” التركية وأوقعت عشرة قتلى في صفوف الناشطين، ما يزيد من احتمالات التصعيد مجددًا. وفي ظل استمرار الحرب منذ هجمات 7 أكتوبر 2023، التي أسفرت عن مقتل نحو 1200 شخص في إسرائيل واحتجاز 251 رهينة، تقول وزارة الصحة في غزة إن العمليات العسكرية تسببت حتى اليوم في مقتل أكثر من (65 ألف) فلسطيني، ونزوح معظم سكان القطاع وسط مجاعة واسعة النطاق.
و أكدت الأمم المتحدة عبر عدة وكالات متخصصة، منها الفاو، اليونيسف، برنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، في بيان مشترك صدر يوم 22 أوت 2025، أن المجاعة أصبحت أمرًا واقعًا في قطاع غزة بعد استيفاء جميع معايير التصنيف المتكامل للأمن الغذائي (IPC). وبيّنت أن مؤشرات سوء التغذية الحاد، ارتفاع معدلات الوفيات المرتبطة بالجوع، والانهيار الكامل في استهلاك الغذاء، تجاوزت العتبة التي تسمح بالإعلان رسميًا عن المجاعة. وقد شدد البيان على أن هذه الكارثة لم تحدث بفعل الطبيعة، بل نتيجة مباشرة للقيود المفروضة على دخول المساعدات واستمرار العمليات العسكرية التي دمرت سلاسل الإمداد، ما أدى إلى انهيار النظام الغذائي والصحي في القطاع.
وفي تصريحات لاحقة، حذّر مسؤولون أمميون، بينهم وكيل الشؤون الإنسانية توم فلايتشر، من أن أكثر من 640 ألف شخص في غزة مهددون بالوصول إلى المرحلة الخامسة، أي “المجاعة الكارثية”، بحلول نهاية سبتمبر 2025 إذا لم يُسمح بوصول عاجل ودائم للمساعدات الإنسانية. وأشارت تقارير منظمات أممية إلى أن الأزمة تجاوزت مسألة نقص الغذاء، لتشمل انهيارًا في منظومة العلاج الغذائي للأطفال، وتعطّل مراكز مكافحة سوء التغذية. ووصفت الأمم المتحدة ما يجري بأنه “مجاعة من صنع الإنسان”، في إشارة إلى أن القرارات السياسية والقيود الأمنية هي التي دفعت السكان نحو هذا الوضع الكارثي.
المصدر: رويترز
