تطرّق مقال للدكتورة ليلى نقولا في موقع الميادين إلى الدور المتعدد الأبعاد للسيد حسن نصر الله في تطوير صورة حزب الله داخليًا وخارجيًا، مشيرةً إلى أن خطاباته ومواقفه السياسية تمثل مزيجًا من الدين والسياسة والمقاومة، ما جعل الباحثين الغربيين يعيدون النظر في التصنيفات التقليدية للحزب، ويعتمدون مقاربات أكثر تعقيدًا وعمقًا لفهمه كظاهرة اجتماعية وسياسية متكاملة داخل السياق اللبناني والإقليمي. كما أشارت إلى أن التحولات الإقليمية الكبرى، مثل انسحاب “إسرائيل” من جنوب لبنان في 2000، وانتصار تموز 2006، وتدخل الحزب في سوريا لاحقًا، لعبت دورًا في تعزيز الشرعية السياسية للحزب، وفي جعل شخصية السيد نصر الله محور دراسة أكاديمية لفهم القيادة الهجينة، ودورها في الحفاظ على الشرعية والمصداقية السياسية رغم الأزمات.
أولاً – تطور صورة حزب الله في الأدبيات الغربية
الثمانينيات والتسعينيات: خلال فترة التأسيس، ركّزت الدراسات الغربية على النظرة الأمنية ووصفت الحزب باعتباره تهديدًا، متجاهلة التعقيد الاجتماعي والسياسي المحلي، ضمن ما يُعرف بالاستشراق الحديث الذي ينشئ “آخر” متجانسًا وغالبًا ما يُصوَّر كمهدد.
بداية الألفية الثانية: بعد انسحاب “إسرائيل” من جنوب لبنان عام 2000 وانتصار تموز 2006، بدأ الباحثون في تحليل الحزب كقوة مقاومة شرعية وفاعل سياسي واجتماعي متعدد الأبعاد، متجاوزين الثنائية التقليدية “الإرهاب/المقاومة”.
2012-2025: تدخل الحزب في سوريا والأزمات الإقليمية جعل الدراسات تنظر إليه كفاعل إقليمي ضمن محور تقوده إيران، وأحيانًا يُوصف بالاستقطاب الطائفي، فيما بقيت بعض المدارس الغربية على تصنيف “الإرهاب” لأسباب أمنية وسياسية.
ثانياً – دور السيد حسن نصر الله في هذه التحولات
برز السيد حسن نصر الله منذ التسعينيات كشخصية كاريزمية، متميزة بالخطاب والنزاهة والتواضع الشخصي، ما أعطى حزب الله وجهًا إنسانيًا وسياسيًا متنوع الأبعاد. لقد اعتمد خطابًا مزدوجًا: متشددًا تجاه “إسرائيل”، ومنفتحًا داخل لبنان مع احترام التعددية الطائفية، ما عزز صورته كقائد سياسي قادر على إدارة التوازنات الداخلية والخارجية. كما ساهمت شخصيته في تعزيز إدراك الباحثين للهويات المتعددة للحزب (شيعية، لبنانية، عربية، إسلامية)، وجعلت من الصعب الاكتفاء بوصفه “مجموعة إرهابية”.
ثالثاً – القيادة الهجينة والخطاب السياسي
حلل الباحثون خطاباته الإعلامية بعد حرب تموز 2006، مؤكدين أنها جسدت المرونة والعقلانية، واستخدمت السرد والرمزية والتواضع لتعزيز الشرعية السياسية للحزب. وخلال تدخلاته في سوريا والأزمات اللبنانية، أظهرت هذه الدراسات كيف حافظ الحزب على شرعيته رغم التناقضات، ما جعله مثالًا على “القيادة الهجينة” التي تجمع بين القوة الرمزية والشرعية السياسية.
رابعاً – التأثير الأكاديمي والتحليلي
وفقًا لمقال الدكتورة ليلى نقولا، شكلت شخصية السيد نصر الله محور دراسة لفهم القيادة الهجينة، ودورها في الحفاظ على الشرعية والمصداقية السياسية رغم الأزمات. وقد أدى هذا إلى تجاوز النظرة الثنائية التقليدية في الدراسات الغربية، واعتماد مقاربات أكثر تعددية وعمقًا لفهم الحزب كظاهرة اجتماعية وسياسية متكاملة، تشمل أبعاده العسكرية والسياسية والاجتماعية والدينية.
خامساً – الخلاصة
يمكن القول إن خطابات السيد حسن نصر الله جسدت مجموعة عوامل دفعت الباحثين في الغرب لتجاوز الثنائيات الاستشراقية. فهو رجل دين، سياسي محنك، قائد عسكري، ورمز للمقاومة. خطابه المتعدد المستويات، وقدرته على الموازنة بين الداخل والخارج، أعطت حزب الله وجهاً إنسانياً وسياسياً متنوع الأبعاد، وجعلت الثنائيات البسيطة مثل “الإرهاب/المقاومة” غير كافية لفهمه، مؤكدة أن القيادة والشخصية القيادية لعبت دورًا محوريًا في صياغة صورة الحزب على المستويين الأكاديمي والإعلامي.



















