ظهرت حركة جيل زد 212 كأحد أبرز الحركات الشبابية غير الرسمية في المغرب، لتعيد إلى الواجهة نقاشات واسعة حول مطالب الشباب والواقع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد. ورغم حداثة ظهورها، تمكنت هذه الحركة من جمع آلاف الشباب حول قضايا اجتماعية وسياسية واقتصادية حرجة، مستفيدة من منصات التواصل الاجتماعي لتنظيم تحركاتها وتوسيع قاعدة دعمها.
و تُعرف الفئة العمرية Gen Z و التي ولدت بين 1997 و2012 تقريبًا باسم جيل زد (Generation Z / Gen Z)، وهو الجيل الذي يلي جيل الألفية أو Gen Y. التسمية جاءت استكمالًا للأبجدية اللاتينية، حيث يمثل الحرف “Z” تسلسلًا منطقيًا بعد “Y”.
جيل Z نشأ في بيئة رقمية متكاملة، حيث الإنترنت والهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي كانت جزءًا من حياته منذ الطفولة، ما جعله أكثر ارتباطًا بالتقنيات الحديثة وأكثر قدرة على التفاعل السريع مع الأحداث العالمية والمحلية. كما يتميز جيل زد بالوعي الاجتماعي والسياسي، والاهتمام بالقضايا البيئية والعدالة الاجتماعية، ما يجعله مختلفًا عن الأجيال السابقة في طريقة التعبير عن مطالبه وتنظيم نشاطاته.
و انطلقت احتجاجات جيل زد 212 في 27 سبتمبر 2025، بعد أن بدأت الحركة على منصات مثل ديسكورد، لتصل سريعًا إلى ما يزيد على 130 ألف عضو في أيام قليلة، مما يعكس الانتشار السريع وتأثير وسائل التواصل في تنسيق الشباب. الحركة لا تمتلك قيادة مركزية واضحة، ولا ترتبط بأحزاب سياسية أو نقابات معروفة، وهو ما يجعلها مثالًا على الاحتجاجات الشبابية اللامركزية.
تتركز مطالب جيل زد 212 حول عدة نقاط أساسية:
- تحسين الخدمات الصحية والتعليمية، بعد تسجيل حوادث مأساوية مثل وفاة نساء أثناء الولادة في مستشفيات عمومية.
- توفير فرص عمل للشباب، خصوصًا الخريجين الذين يعانون من معدلات بطالة مرتفعة تصل إلى 35.8% بين الشباب.
- محاربة الفساد وإصلاح الإدارة العامة، وتعزيز العدالة الاجتماعية.
- إعادة توجيه الإنفاق الحكومي بعيدًا عن المشاريع الرياضية الكبرى، مثل تجهيزات مونديال 2030، نحو القطاعات الحيوية.
و شهدت الاحتجاجات تصعيدًا سريعًا في المدن الكبرى مثل الرباط، مراكش، الدار البيضاء، أكادير، وجدة، حيث تحولت بعض التحركات إلى مواجهات مع قوات الأمن، أسفرت عن إصابة 263 من أفراد الأمن و23 مدنيًا، ووقوع قتيلين من المحتجين في منطقة القليعة قرب أكادير. كما تم تسجيل أضرار مادية كبيرة وتدمير مركبات حكومية وتجارية.
أدت احتجاجات جيل زد 212 إلى فتح نقاش عام حول أولويات الدولة واستجابة الحكومة لمطالب الشباب. وقد أعلنت وزارة الداخلية التزامها بحق التظاهر السلمي، لكنها شددت على تطبيق القانون في مواجهة أعمال العنف والتخريب. كما أعلن رئيس الحكومة عن جلسات برلمانية لمناقشة إصلاحات عاجلة في قطاعات الصحة والتعليم، في محاولة لتهدئة الغضب الشعبي.
يظهر من خلال نشاط جيل زد 212 أن الشباب المغربي بدأ يجد أدوات رقمية قوية للتعبير عن مطالبه بسرعة وفاعلية، بعيدًا عن الهياكل التقليدية للأحزاب والنقابات. كما يعكس انتشار الحركة ضغطًا متزايدًا على الحكومة لإعادة النظر في السياسات الاقتصادية والاجتماعية، خصوصًا فيما يتعلق بمعدلات البطالة المرتفعة وتوزيع الإنفاق العام.
أظهرت الأحداث الأخيرة في المغرب، مثل حركة جيل زد 212، كيف أصبح جيل زد قوة اجتماعية فاعلة على الساحة السياسية والاقتصادية. فالشباب الذي ينتمي لهذا الجيل استخدم منصات التواصل الاجتماعي لتنظيم احتجاجات واسعة ضد البطالة المتزايدة، وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية، وإساءة توجيه الإنفاق العام.
ويبرز من هذه الحركة أن جيل زد لا يكتفي بالمطالبة بالتغيير، بل يسعى لتحقيقه عبر أدوات رقمية حديثة وطرق تواصل مبتكرة، مما يجعل صوته مسموعًا بسرعة وفاعلية، ويشكل تحديًا للحكومات التقليدية في فهم واستيعاب ديناميكيات هذا الجيل المتصل بالشبكة عالميًا.
جيل زد 212 ليست مجرد حركة احتجاجية عابرة، بل نموذج جديد للاحتجاج الرقمي والشبابي في المغرب. تعكس مطالبها وفعالياتها التحولات الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، وتضع الحكومة أمام تحديات كبيرة لضمان استقرار سياسي واجتماعي، بينما يواصل الشباب استخدام منصات التواصل لدفع التغيير.



















