هل نحن أمام مشهد جديد يُعيد رسم خريطة التوازنات في الخليج، وربما يفتح الباب أمام مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران؟ التطورات الأخيرة في واشنطن، بدءًا من الاجتماع المفاجئ للرئيس الأميركي دونالد ترامب مع مئات الجنرالات في كوانتيكو، وصولاً إلى القرارات التنفيذية المرتبطة بأمن قطر، تطرح أكثر من علامة استفهام حول طبيعة المرحلة المقبلة. فالأحداث المتلاحقة لا تبدو معزولة عن بعضها، بل توحي بأن الولايات المتحدة تضع المنطقة على أعتاب منعطف استراتيجي قد تكون طهران في صلبه.
و في هذا السياق تطرق مقال لأستاذة العلاقات الدولية الدكتورة ليلى نيقولا التطورات الأخيرة المرتبطة باجتماع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع كبار الجنرالات في كوانتيكو، وما أعقبه من خطوات تنفيذية تخص أمن الخليج. وتشير نيقولا إلى أن الاجتماع لم يكن مجرد مناسبة داخلية تتعلق بالانضباط أو السياسات العسكرية المحلية، بل يعكس استعداداً لمرحلة إقليمية حساسة قد تبدأ من الخليج وتنعكس مباشرة على إيران.
و اشار ليلى نيقولا في مقالها الى أن ترامب حاول من خلال خطابه، ومعه وزير الحرب هيغسيث، رسم صورة جديدة للجيش الأميركي تقوم على الدمج بين الأمن الداخلي والجاهزية الخارجية. فالتركيز على “الحرب من الداخل”، وتوظيف المدن الأميركية كـ”ميادين تدريب”، والتشديد على الانضباط البدني والولاء السياسي، كلها مؤشرات إلى أن الإدارة تسعى لإعادة صياغة العقيدة العسكرية بما يجعلها أكثر استعداداً لمواجهة طويلة الأمد، سواء ضد خصوم الداخل أو الخارج.
لكن اللافت، كما تبرز نيقولا، هو ما أعقب هذا الاجتماع مباشرة. ففي اليوم التالي، وقّع ترامب أمراً تنفيذياً يعتبر أي هجوم على قطر تهديداً مباشراً للأمن الأميركي، بالتوازي مع إرسال ناقلات تزود بالوقود إلى قاعدة العديد. هذه الخطوات لا يمكن قراءتها بمعزل عن سياق التحشيد في منطقة الخليج، حيث تشكل قطر وقاعدتها الجوية ركناً أساسياً في أي تحرك عسكري محتمل.
تشير المعطيات الواردة في المقال إلى أن الولايات المتحدة تعيد توجيه بوصلتها الاستراتيجية نحو الخليج، مع ما يحمله ذلك من دلالات على احتمال مواجهة مع إيران. وإذا كان اجتماع الجنرالات قد ركّز في ظاهره على الانضباط الداخلي والمعايير البدنية والجاهزية القتالية، فإن باطنه يشي بمرحلة مقبلة من التصعيد الخارجي.
ويبدو من قراءة نيقولا أن السؤال المطروح لم يعد “هل ستحدث مواجهة؟” بل “أين ستبدأ الشرارة الأولى؟”. ومع تصاعد المؤشرات المرتبطة بقطر وقاعدة العديد، فإن إيران تبقى الطرف الأكثر معنيّاً بالاستعداد لما هو قادم.
