انتُخب خالد العناني، وزير الثقافة والآثار المصري السابق، مديرا عاما جديدا لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) اليوم الاثنين، ليبدأ مهمته في إحياء دور المنظمة بعد انسحاب الولايات المتحدة للمرة الثانية. وجاء العناني (54 عاما) في مواجهة منافسه إدوارد فيرمين ماتوكو (69 عاما) من جمهورية الكونجو، وقد حظي بفرص أكبر للفوز في الاقتراع السري الذي يحدد فترة ولاية مدتها أربع سنوات، بعد إطلاق حملته في أبريل 2023 وبناء دعم إقليمي وتحالفات دولية قوية.
وصوت مجلس اليونسكو، الذي يمثل 58 دولة من أصل 194 عضوا، لصالح العناني بـ 55 صوتا مقابل صوتين لماتوكو، فيما لم تصوت الولايات المتحدة. ومن المتوقع أن يعرض التصويت على جميع أعضاء اليونسكو للموافقة النهائية في السادس من نوفمبر تشرين الثاني.
و في أول تصريح له بعد فوزه بمنصب المدير العام لمنظمة اليونسكو، أعرب الدكتور خالد العناني عن امتنانه العميق لمصر والدول العربية والإفريقية التي دعمت ترشيحه. وقال: “أشكر بلدي مصر التي أولتني هذه الثقة الكبيرة، وأشكر كل الدول التي دعمتني وساندتني في هذه الرحلة”. وأضاف أن فوزه ليس إنجازًا فرديًا فحسب، بل هو تتويج لجهود تعكس الحضور الثقافي المصري والعربي والإفريقي على الساحة العالمية.
و تأسست منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في عام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية بهدف تعزيز السلام والتعاون الدولي من خلال التعليم والعلوم والثقافة. تضم المنظمة اليوم 194 دولة عضواً و12 عضواً منتسباً، ولها مقرات في باريس وبروكسل ونيويورك وغيرها من المدن حول العالم. ومنذ تأسيسها، صنفت اليونسكو أكثر من 1,200 موقع تراث عالمي، منها مواقع طبيعية وأثرية وثقافية، إضافة إلى دعمها برامج تعليمية استفاد منها ملايين الطلاب حول العالم.
ورغم الجهود التي بذلتها المديرة العامة السابقة أودري أزولاي لتنويع مصادر التمويل، فإن الولايات المتحدة لا تزال تسهم بنحو 8٪ من ميزانية المنظمة، وسيؤدي انسحابها الكامل المتوقع في أواخر 2026 إلى قطع هذا التمويل. وكان البيت الأبيض قد وصف اليونسكو بأنها داعمة لـ”قضايا ثقافية واجتماعية مثيرة للانقسام” عند قرار ترامب سحب بلاده في يوليو، بعد أن ألغى جو بايدن خطوة مماثلة في ولايته الأولى.
وفيما يتعلق بالتمويل، يصل إجمالي ميزانية اليونسكو السنوية إلى نحو مليار دولار، يساهم معظمها من الدول الأعضاء، بينما كانت الولايات المتحدة قبل انسحابها تسهم بنحو 8٪ من الموازنة. كما نظمت المنظمة منذ إنشائها أكثر من 500 برنامج للتعليم والعلوم والثقافة، وقدمت منحاً لمئات الباحثين والفنانين لدعم الابتكار وحماية التراث الثقافي. اليونسكو اليوم تمثل منصة عالمية للتعاون بين الدول، وتعمل على تصنيف المواقع التراثية وحمايتها في أكثر من 160 دولة.
وتعرف اليونسكو بدورها في تصنيف وحماية المواقع الأثرية والتراثية حول العالم، من جزر جالاباجوس إلى مقابر تمبكتو، كما تهدف إلى تعزيز السلام من خلال التعاون الدولي في التعليم والعلوم والثقافة. وأكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في باريس الأسبوع الماضي على أهمية دور مصر التاريخي في قيادة المنظمة، مشيرا إلى إرثها الحضاري العريق منذ العصور الفرعونية وحتى الإسلامية.
وعلى الرغم من نجاح العناني دوليا، فقد واجه انتقادات داخل مصر من دعاة الحفاظ على التراث، الذين اتهموا وزارته بالفشل في حماية بعض المواقع الأثرية الحساسة في القاهرة وشبه جزيرة سيناء، بينما أكملت المديرة السابقة أزولاي الحد الأقصى لفترتين مدة كل منهما أربع سنوات.
