هل طلب المغرب مساعدة اسرائيل لقمع المظاهرات الاحتجاجية ؟

في ظل ما تعيشه مدن مغربية عدة منذ أسابيع على وقع احتجاجات اجتماعية متزايدة، يقودها مواطنون ونشطاء يطالبون بتحسين الأوضاع المعيشية ووقف موجة الغلاء التي أثقلت كاهل الأسر، وسط تزايد الحديث عن احتمال استعانة السلطات بخبرات أجنبية في إدارة الحشود. وفي هذا السياق، أثارت الزيارة الأخيرة للمفتش العام للشرطة الإسرائيلية، يعقوب شبتاي، إلى الرباط، تساؤلات واسعة حول ما إذا كان المغرب قد طلب فعلاً دعماً أو تدريباً من الجانب الإسرائيلي في مجال “مواجهة المظاهرات”، خاصة وأن إسرائيل تُعرف بخبرتها في هذا المجال، وسبق أن قدّمت تدريبات مماثلة لقوات الأمن الفرنسية. وبينما لم يصدر أي تأكيد رسمي من الطرفين، يرى مراقبون أن تزامن الزيارة مع تصاعد موجة الاحتقان الاجتماعي يمنحها أبعاداً تتجاوز الطابع البروتوكولي المعلن.

و يتواصل تعمّق العلاقات الأمنية بين المغرب و”إسرائيل”، مع استقبال المدير العام للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، عبد اللطيف الحموشي، للمفتش العام للشرطة “الإسرائيلية”، يعقوب شبتاي، يوم الإثنين بالرباط، في خطوة جديدة تعكس اتساع رقعة التعاون بين الجانبين منذ توقيع اتفاق التطبيع سنة 2020.

وبحسب تقارير إعلامية مغربية و عبرية، فإن المباحثات تطرّقت إلى آفاق التعاون في مجالات الأمن الداخلي ومكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، إلى جانب تبادل الخبرات التقنية وتطوير آليات الاتصال والتنسيق بين الأجهزة الأمنية في البلدين.

وتأتي هذه زيارة يعقوب شبتاي، للملكة المغربية  بعد سلسلة لقاءات مماثلة جرت خلال العامين الماضيين بين مسؤولين أمنيين من الطرفين، في إطار مسار تعاون يزداد رسوخًا ويشمل تبادل المعلومات الاستخباراتية والتقنيات المتطورة في الأمن السيبراني وحماية الحدود.

ويرى مراقبون أن اللقاء الأخير قد يحمل دلالات استراتيجية تتجاوز الطابع الثنائي، إذ يُفهم منه أن المغرب يسعى إلى تعزيز قدراته الأمنية والتقنية عبر الشراكة مع إسرائيل، في وقت تعرف فيه المنطقة تحولات متسارعة وتوترات جيوسياسية متزايدة.

و كانت تقارير إعلامية في جويلية 2023 قد أشارت إلى أن الشرطة الفرنسية لجأت إلى طلب استشارات من نظيرتها الإسرائيلية حول أساليب التعامل مع المظاهرات، عقب الأحداث التي شهدتها ضواحي باريس بعد مقتل الشاب “ناهِل م.”. وذكرت صحيفة Israel Hayom أن مسؤولين أمنيين فرنسيين تواصلوا مع قيادة الشرطة الإسرائيلية لدراسة تكتيكاتها الميدانية في مواجهة أعمال الشغب، بينما أُوعز إلى وحدات الاستخبارات في تل أبيب بإعداد تقارير تحليلية حول أداء الشرطة الفرنسية خلال تلك الاحتجاجات.

ورغم نفي الحكومة الفرنسية وجود أي تدريب رسمي أو اتفاق أمني مباشر في هذا المجال، إلا أن هذا الموضوع أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الحقوقية والإعلامية، التي رأت فيه مؤشراً على تقارب متزايد في السياسات الأمنية بين باريس وتل أبيب. وقد حذّرت منظمات فرنسية ودولية من أن تبادل الخبرات في “مكافحة الشغب” قد يُترجم عملياً إلى تبنّي مقاربات أكثر تشدداً ضد المتظاهرين، وهو ما يعزز المخاوف من تراجع الحريات المدنية في البلاد.

 

 

Exit mobile version