في حوار حصري مع موقع “الصحفي”، تحدثت الكاتبة والباحثة والصحافية اللبنانية لارا القصيفي عن مشروعها الثقافي“عطر اللزاب” Juniper Scent حكايات من لبنان، ورؤيتها لحماية التراث الحيّ في لبنان، وعلاقتها بالعادات والتقاليد العربية، بما فيها الجزائرية.
الصحفي: من هي السيدة لارا القصيفي بالنسبة للقراء الذين لم يتعرّفوا عليك بعد؟
لارا القصيفي: أنا، كاتبة وباحثة وصحافية لبنانية أؤمن بأنّ التراث ليس مجرد ماضٍ، بل هو جوهر الهوية وذاكرة الشعوب. وقد استوحيت مشروعي “Juniper Scent” من شجر اللزاب الذي يكلّل أعالي جبال لبنان ، ذاك الشجر الذي يجسّد الصمود والجمال والعمق، تمامًا كما يجسّد اللبناني تمسّكه بأرضه رغم الصعوبات.
درست الصحافة في الجامعة اللبنانية، وتابعت دراساتي العليا في التسويق في الجامعة الأميركية في بيروت، وكرّست أكثر من عشرين عامًا من مسيرتي المهنية لحماية التراث الثقافي غير المادي في لبنان.
و عملت في مجالات التنمية الريفية، والسياحة، وتمكين المرأة، وكنت شاهدة على قصص أناس يعيشون البساطة بكرامة وصمت، ويشكّلون في تفاصيلهم نبض هذا الوطن الحقيقي
الصحفي: ما هو مشروع عطر اللزاب Juniper Scent؟
لارا القصيفي: Juniper Scent هو أكثر من مشروع إعلامي ، هو رؤية ورسالة. إنه مبادرة ثقافية توثّق وتحافظ على التراث اللبناني الحيّ، من وصفات الأجداد إلى الحرف اليدوية، ومن الممارسات اليومية إلى القصص التي تنتقل من جيل إلى جيل. كما يسلّط المشروع الضوء على الطبيعة والبيئة اللبنانية الفريدة، وعلى التحديات التي تواجهها. و أعمل من خلال التصوير الميداني والسرد الإنساني، على نقل حياة الناس في القرى، تعبهم، قيمهم، وإصرارهم على الاستمرار رغم كل الصعوبات.
الصحفي: هل المشروع مجرد صفحة رقمية؟
لارا القصيفي: بالتأكيد ليس مجرد صفحة رقمية. Juniper Scent هو مشروع ثقافي متكامل هدفه الأساسي صون الذاكرة الجماعية اللبنانية. أعمل على الأرض، بين الناس، لأوثّق قصصهم بعدستي وصوتهم الحقيقي.
و المنصة هي مساحة لتكريم من يشكّلون روح لبنان ، من النساء اللواتي نذرن حياتهنّ للحفاظ على تقاليد بيوتهنّ وضيعتهنّ، إلى الرعاة والحرفيين الذين لا يزالون يعملون بأيديهم وقلوبهم.
وقد جعلنا الغاية تكريم هؤلاء الأشخاص الذين، ببساطة أعمالهم، يساهمون في استدامة التراث والثقافة اللبنانية.
الصحفي: كيف تتعاملين مع التفاعل الرقمي في ظل هيمنة المحتوى السريع؟
لارا القصيفي: أؤمن أنّ الجمهور، حتى في هذا العصر السريع، ما زال يقدّر الصدق والعمق. قد يجذب المحتوى السريع الانتباه للحظة، لكن القصص الحقيقية هي التي تبقى في الذاكرة. و أتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي كمنبر لنقل الحقيقة، لا كمسرح للشهرة. حيث أفضل أن أقدّم محتوى يحمل روحًا ورسالة، حتى لو تطلّب وقتًا وجهدًا أكبر، لأنّ الصدق وحده ما يجعل الرسالة مستمرّة
الصحفي: ما هي طموحاتك المستقبلية لـ Juniper Scent؟
لارا القصيفي: أطمح أن يتحوّل Juniper Scent إلى منصة ثقافية تفاعلية تجمع الناس حول التراث اللبناني المهدّد بالاندثار، وأن يصبح سلسلة وثائقية طويلة توثّق القرى والتقاليد والحكايات غير المعروفة. الهدف هو إنشاء أرشيف حيّ للبنان الإنساني نحفظ فيه أصوات الناس وملامحهم قبل أن يبتلعها الزمن. و أسعى لزيارة أكبر عدد ممكن من المناطق اللبنانية وتوثيق عاداتها وتقاليدها قبل أن تضيع مع رحيل كبارنا الذين ما زالوا يحملون الذاكرة الحيّة لهذا الوطن
الصحفي: وماذا عن العادات والتقاليد في الجزائر؟
لارا القصيفي:من خلال خبرتي ومتابعتي، أرى أنّ الدول العربية تتشابه في روحها أكثر مما نتصوّر. في الجزائر، كما في لبنان، هناك كرم فطري، وحبّ عميق للأرض، وتمسّك بالهوية. تتجلّى هذه الروح في ثقافة الضيافة والموروثات الشعبية والحفاظ على التقاليد ونقلها من جيل إلى جيل. حتى من دون أن أعرفها، أشعر أنّ الجزائر، مثل لبنان، غنية بتنوّعها الطبيعي والإنساني تجمع بين الأرض والإنسان، وبين الأصالة والانفتاح



















