في خضم الجدل الذي أثارته تصريحات رسمية حول “رفع قانون قيصر”، تكشف الوقائع أن ما حدث في واشنطن لا يرقى إلى إلغاء فعلي للعقوبات المفروضة على سوريا.
فالتصويت الذي جرى في مجلس الشيوخ الأمريكي، في إطار مناقشة قانون الدفاع الوطني لعام 2026، لم يتضمن قرارًا نهائيًا بإلغاء العقوبات، بل أشار فقط إلى تعديل رمزي يطالب الإدارة الأمريكية بمراجعة الإجراءات في حال تحقيق “تقدّم سياسي ملموس”.
هذا التعديل، وفق الوثائق الصادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية (OFAC) وبيانات الكونغرس الأمريكي، لا يحمل أي أثر تنفيذي مباشر، إذ لم يصادق عليه مجلس النواب بعد، ولم يُوقّع من الرئيس الأمريكي. أما ما جرى فعليًا، فهو أن الرئيس الأمريكي أصدر في 30 يونيو 2025 أمرًا تنفيذيًا يقضي بإنهاء البرنامج الشامل للعقوبات على سوريا جزئيًا، ابتداءً من 1 يوليو 2025، مع الإبقاء على القيود المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان وغسيل الأموال والإرهاب.
و للاشارة فقانون “قيصر” هو تشريع أمريكي أقرّه الكونغرس في ديسمبر 2019، ودخل حيّز التنفيذ رسميًا في حوان 2020، ضمن قانون تفويض الدفاع الوطني الأمريكي (NDAA). سُمّي القانون بهذا الاسم نسبةً إلى الاسم المستعار “قيصر”، وهو مصور عسكري سوري انشق عن النظام عام 2014، وسرّب آلاف الصور التي قال إنها توثق انتهاكات ضد المعتقلين في السجون السورية.
ورغم أن هذا التطور يمثل تخفيفًا في الضغط الاقتصادي، إلا أنه لا يعني إلغاءً تامًا لقانون قيصر، الذي ما يزال يشمل أكثر من (200) كيان وشخص سوري ضمن لوائح العقوبات الأمريكية. كما أوضحت وثائق الكونغرس أن أي رفع شامل سيظل مشروطًا بتحقيق إصلاحات سياسية واضحة، تشمل مكافحة الفساد، وإطلاق سراح المعتقلين، وضمان مشاركة الأقليات في السلطة.
و يهدف قانون “قيصر” إلى فرض عقوبات اقتصادية ومالية مشددة على الحكومة السورية وكل جهة أو شركة أو دولة تتعاون معها في مجالات الطاقة، أو إعادة الإعمار، أو المعاملات العسكرية. ويُعدّ “قيصر” أحد أكثر أدوات الضغط الأمريكي تأثيرًا على الاقتصاد السوري، إذ لا يقتصر على الأفراد والكيانات السورية، بل يمتد ليشمل أطرافًا أجنبية تتعامل مع دمشق، مما جعله قانونًا ذا طابع عابر للحدود في تطبيق العقوبات.


















