الحية لم يذكر الجزائر، فاشتعلت الشبكات! بين الانفعال والحقيقة

تطرّق مقال لموقع “ألجيري باتريوتيك” إلى الجدل الذي أثاره تصريح القيادي في حركة المقاومة الفلسطينية “حماس” خليل الحيّة، عقب إعلانه شكر عدد من الدول العربية التي ساهمت في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، دون أن يذكر الجزائر بالاسم. هذا التجاهل، الذي بدا بسيطًا في ظاهره، كان كافيًا لإشعال نقاش واسع على شبكات التواصل الاجتماعي وداخل بعض الأوساط السياسية والإعلامية، حيث اعتبره البعض نوعًا من التقليل من دور الجزائر أو حتى تجاهلًا متعمّدًا لموقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية.

لكنّ المقال أوضح أنّ هذه الضجة المفتعلة لا تقوم على أي أساس واقعي، بل تعبّر عن سوء فهم لطبيعة الموقف الجزائري، الذي لم يكن يومًا قائمًا على البحث عن الشكر أو التقدير من أي جهة. فـالجزائر، كما يذكّر النص، لم تنتظر اعترافًا من حماس أو من غيرها لتدافع عن فلسطين، إذ إنّ التزامها بهذه القضية راسخ في تاريخها التحرّري، وفي مبدئها الثابت القاضي بدعم كل الشعوب المقهورة في وجه الاحتلال والعدوان.

وأشار المقال إلى أنّ السياسة الجزائرية تجاه فلسطين لم تكن أبدًا أداةً للمزايدات أو للمقايضات الدبلوماسية، بخلاف بعض الأنظمة العربية التي تتعامل مع القضية الفلسطينية كـ”ورقة تفاوضية” لتحقيق مصالحها الخاصة أو لتحسين صورتها أمام الرأي العام. لذلك، يرى كاتب المقال أنّ تحويل تصريح عابر إلى موضوع خلاف، هو انحراف عن جوهر المعركة الحقيقية التي يخوضها الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال.

ويُفهم من مضمون المقال أنّ هذه الحساسية المفرطة التي أُثيرت حول “نسيان الجزائر” تكشف عن ازدواجية في مواقف بعض الدول العربية التي تسعى إلى الظهور كوسطاء للسلام، في حين تُطبّع مع إسرائيل وتُبرم اتفاقات عسكرية واقتصادية معها، ما يجعل من ادعاءاتها بشأن “نصرة الفلسطينيين” مجرّد خطاب نفاق سياسي.

في المقابل، يرى الموقع أنّ الجزائر تظلّ من بين الدول القليلة التي حافظت على ثبات موقفها من الاحتلال الإسرائيلي، دون أن تنجرّ وراء موجة التطبيع أو الحسابات الإقليمية الضيقة. غير أنّ هذا التمسّك بالمبدأ لا يعني أنّ الجزائر تمنح صكّ براءة لحركة حماس، إذ تفصل بوضوح بين الدفاع عن فلسطين كقضية عادلة وبين القبول بالخطاب الأيديولوجي الذي تتبنّاه بعض الحركات الإسلامية.

وذكّر المقال بأنّ الجزائر دفعت ثمنًا باهظًا خلال العشرية السوداء في التسعينيات، حين اجتاحت البلاد تيارات دينية متطرفة مستوردة من الخارج، لا تختلف كثيرًا – في فكرها ومنهجها – عن المرجعيات التي يتغذى منها جزء من الخطاب السياسي لحماس. ومن هذا المنطلق، فإنّ الجزائر لا يمكنها أن تتغاضى عن المخاطر التي قد تنتج عن تسييس الدين أو عن استخدامه كأداة للهيمنة الإقليمية.

كما اعتبر المقال أنّ حماس، رغم دورها العسكري في مواجهة الاحتلال، ليست حركة مقاومة خالصة بقدر ما هي ورقة بيد قوى إقليمية تستثمر في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لتوسيع نفوذها في المنطقة. هذه القوى، كما يقول النص، تتلاعب بالمأساة الفلسطينية وتوظّفها في صراعاتها الجيوسياسية، على حساب وحدة الصف الفلسطيني ومعاناة المدنيين في غزة.

وختم المقال بالتأكيد على أنّ جوهر الموقف الجزائري يبقى هو نفسه: وقف العدوان وإنقاذ المدنيين، بعيدًا عن كل حسابات الولاء أو الخصومة. فبالنسبة للجزائر، فلسطين قضية مبدأ وليست قضية فصيل، وما يهمّها قبل كل شيء هو أن تتوقف القنابل عن السقوط على أطفال غزة الذين يدفعون ثمن التوازنات المريضة في الشرق الأوسط.

Exit mobile version