أعلن الكولونيل مايكل راندريانيرينا، الحاكم العسكري الجديد في مدغشقر، أنه سيؤدي قريبًا اليمين الدستورية رئيسًا للبلاد، بعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس أندريه راجولينا. وجاء هذا التطور بعد فرار راجولينا خارج البلاد وتصاعد موجة احتجاجات قادها شباب “الجيل زد” ضد حكمه.
وأكد راندريانيرينا خلال مؤتمر صحفي في العاصمة أنتاناناريفو أن الجيش تولى السلطة وحل جميع المؤسسات الدستورية باستثناء الجمعية الوطنية، مشيرًا إلى أن لجنة يقودها الجيش ستشرف على مرحلة انتقالية تدوم حتى عامين تمهيدًا لتنظيم انتخابات عامة.
المحكمة الدستورية العليا دعت راندريانيرينا رسميًا لتولي رئاسة الدولة، بينما أكدت مصادر قريبة منه لوكالة رويترز أنه قد يؤدي اليمين خلال اليومين المقبلين. ويأتي ذلك في وقت يعيش فيه المشهد السياسي توترًا واسعًا، بعد أن رفض راجولينا الاعتراف بعزله رغم تصويت البرلمان على إقالته.
وكان راندريانيرينا قد انشق عن نظام راجولينا الأسبوع الماضي، داعيًا القوات المسلحة إلى الامتناع عن استخدام القوة ضد المتظاهرين. ويُعرف الكولونيل بخلفيته في وحدة النخبة العسكرية التي ساهمت في انقلاب 2009، وهو الانقلاب ذاته الذي أوصل راجولينا نفسه إلى السلطة قبل 15 عامًا.
راندريانيرينا، الذي ينحدر من منطقة أندروي في الجنوب، يُوصف في الأوساط المحلية بـ”الرجل الحديدي”، بفضل صرامته وانضباطه العسكري. ومنذ توليه الحكم، تعهد بإعادة بناء المؤسسات ومكافحة الفساد، لكنه يواجه تحديات اقتصادية واجتماعية عميقة، في بلد يعيش أكثر من 70 بالمائة من سكانه تحت خط الفقر.
ووفق تصريحات رسمية، تعتزم السلطة الجديدة تنظيم مرحلة انتقالية تمتد بين 18 و24 شهرًا، قبل العودة إلى الحكم المدني عبر انتخابات عامة. غير أن مراقبين يرون أن هذا الإطار الزمني قد يمنح الجيش نفوذًا طويل الأمد في إدارة البلاد، خاصة مع تعليق عمل عدد من المؤسسات الدستورية.
ويُعد راندريانيرينا (51 عامًا) أحد أبرز ضباط وحدة CAPSAT العسكرية، التي لعبت دورًا محوريًا في وصول راجويلينا إلى الحكم عام 2009. منذ 2022، تولى قيادة هذه الوحدة قبل أن يبرز كأحد المعارضين لسياسات النظام السابق. وتشير المعطيات إلى أنه تم توقيفه في نوفمبر 2023 بتهمة التحريض العسكري، قبل الإفراج عنه في فبراير 2024 مع وقف التنفيذ.
وفق مصادر أمنية، فرّ راجولينا من البلاد على متن طائرة عسكرية فرنسية متجهة نحو دبي، بعد أن قال إن “حياته في خطر”. وتشير تقديرات دولية إلى أن الأزمة السياسية الحالية تأتي في ظل وضع اجتماعي هشّ، إذ يعيش نحو 75 بالمائة من سكان مدغشقر، البالغ عددهم 30 مليون نسمة، تحت خط الفقر، فيما تراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنحو 45 بالمائة منذ عام 1960، بحسب بيانات البنك الدولي.
