أصدرت القاضية الأمريكية فيلس هاميلتون حكمًا يقضي بمنع شركة NSO Group الإسرائيلية من استهداف مستخدمي تطبيق واتساب، بعد أن خلصت المحكمة إلى أن سلوك الشركة “يسبّب ضررًا لا يمكن إصلاحه”، وأن هناك “أدلة واضحة على استمرار هذا السلوك”.
ويأتي القرار ضمن الدعوى التي رفعتها شركة Meta المالكة لتطبيق واتساب، متهمة مجموعة NSO باستخدام أدوات تجسس لاختراق هواتف المستخدمين عبر مكالمات فائتة وتقنيات اختراق تُعرف باسم “الهجوم الصفري” (Zero-Click)، وهي من أكثر الوسائل تقدمًا في عالم التجسس الرقمي.
ورغم إقرار المحكمة بخطورة ممارسات الشركة، فإن القاضية رأت أن تلك الأفعال لا ترقى إلى مستوى “الخطير للغاية” الذي يبرر فرض التعويضات المالية الضخمة التي طالبت بها Meta. ونتيجة لذلك، تمّ تخفيض الغرامة من نحو (168 مليون دولار) إلى قرابة (4 ملايين دولار) فقط.
وأكدت القاضية أن نطاق الدعوى يقتصر على تطبيق واتساب دون أن يشمل تطبيقات أخرى مملوكة لشركة Meta مثل فيسبوك وإنستغرام، موضحة أن الأدلة المتوفرة لا تدعم توسيع الحظر إلى هذه المنصات.
من هي شركة NSO ؟
تُعد شركة NSO Group من أبرز الأسماء المثيرة للجدل في عالم الأمن السيبراني، بعدما تحوّل برنامجها التجسسي “بيغاسوس” إلى أحد أكثر أدوات المراقبة إثارة للقلق على المستوى العالمي.
تأسست الشركة عام 2010 في مدينة هرتسليا قرب تل أبيب على يد ثلاثة مهندسين سابقين في الجيش الإسرائيلي، وقدّمت نفسها كشركة متخصصة في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. غير أن تحقيقات صحفية دولية كشفت أن أدواتها استُخدمت لاختراق هواتف صحفيين ونشطاء ومسؤولين حكوميين في عدد من الدول، ما أثار جدلاً واسعًا حول استخدام تقنياتها لأغراض سياسية وأمنية تتجاوز الأطر القانونية.
ويتيح برنامج بيغاسوس التسلل إلى الهواتف الذكية من دون علم المستخدم، والتحكم بالكاميرا والميكروفون والوصول إلى الرسائل والمكالمات والتطبيقات المشفّرة. وفي عام 2021، كشف تحقيق دولي أن البرنامج استُخدم لمراقبة آلاف الأشخاص، من بينهم رؤساء دول وصحفيون من مؤسسات إعلامية كبرى.
سلسلة من القضايا الدولية ضد الشركة
ارتبط اسم NSO بعدة قضايا قانونية بارزة، أبرزها فضيحة “بيغاسوس” العالمية عام 2021، التي كشفتها منظمّتا Forbidden Stories والعفو الدولية، حيث تبيّن أن البرنامج استُخدم للتجسس على أكثر من 50 ألف رقم هاتف، من بينهم إيمانويل ماكرون وعدد من السياسيين والصحفيين حول العالم.
وفي عام 2019، رفعت شركة واتساب دعوى قضائية ضد NSO متهمة إياها باختراق أكثر من 1400 هاتف عبر ثغرة تقنية في التطبيق باستخدام “مكالمات فائتة” لتثبيت البرنامج التجسسي سرًا. وتعد هذه القضية من أبرز النزاعات القانونية بين شركة تكنولوجية كبرى وشركة متخصصة في برمجيات التجسس.
أما شركة Apple فقد رفعت في عام 2021 دعوى مماثلة تتهم فيها NSO بانتهاك خصوصية مستخدمي iPhone واستغلال ثغرات في نظام iOS، مطالبةً بمنعها من استخدام أي من منتجاتها أو خدماتها.
وفي خطوة تصعيدية، أدرجت وزارة التجارة الأمريكية في العام نفسه شركة NSO ضمن “القائمة السوداء”، معتبرةً أن أنشطتها تمثل تهديدًا للأمن القومي الأمريكي. أما الحكم الأخير الصادر عن محكمة في كاليفورنيا، فقد جاء ليعزز هذا الموقف، إذ يمنع الشركة من استهداف مستخدمي واتساب بعد ثبوت استمرار ممارساتها، في قرار اعتُبر انتصارًا قضائيًا مهمًا ضد برامج التجسس التجارية.
المصدر: الصحافة الأمريكية
