رحلة الذهب من 1950 حتى اليوم…مرآة للتقلبات العالمية والسياسات المالية الدولية

شهدت أسعار الذهب منذ منتصف القرن الماضي سلسلة من التحولات التاريخية التي انعكست بشكل مباشر على الاقتصاد العالمي واستراتيجيات الاستثمار.

في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، بقيت أسعار الذهب مستقرة عند حوالي 35 دولارًا للأونصة، بسبب ارتباط الدولار الأمريكي بمعيار الذهب، ما منح الأسواق استقرارًا نسبيًا.

إلا أن التحولات الكبرى بدأت في عام 1971، حين أعلن الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون تعليق تحويل الدولار إلى ذهب، منهياً بذلك معيار الذهب التقليدي، لتبدأ الأسعار رحلة صعود حادة، حيث تجاوزت 100 دولار للأونصة في عام 1973.

بلغ الذهب ذروته الأولى في عام 1980، مع تصاعد الأزمات الجيوسياسية وارتفاع معدلات التضخم، ليصل إلى 850 دولارًا للأونصة، وهو أعلى مستوى له في ذلك القرن. بعد ذلك، شهدت عقود التسعينيات تراجعًا ملحوظًا، حيث هبط السعر إلى حوالي 250 دولارًا للأونصة في نهاية العقد، نتيجة للاستقرار النسبي بعد نهاية الحرب الباردة.

مع بداية الألفية الجديدة، عاد الذهب للصعود مجددًا، إذ تجاوز 600 دولار للأونصة بحلول عام 2006، متأثراً بالأزمات المالية العالمية والطلب المتزايد عليه كملاذ آمن. وكان عام 2011 علامة فارقة، إذ وصل السعر إلى 1,913 دولارًا للأونصة، إثر تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية وتزايد المخاوف من التضخم.

بعد تصحيح الأسعار بين 2013 و2015، استقرت مستويات الذهب بين 1,100 و1,500 دولار للأونصة، قبل أن تشهد السنوات الأخيرة منذ 2021 ارتفاعات قياسية، لتتجاوز في 2025 حاجز 3,800 دولار للأونصة، مدعومة بالتوترات الجيوسياسية، والسياسات النقدية العالمية، وارتفاع الطلب المؤسسي على المعدن النفيس.

تُظهر هذه المسيرة الطويلة أن الذهب ليس مجرد سلعة اقتصادية، بل مرآة للتقلبات العالمية والسياسات المالية الدولية. ومع استمرار الأزمات الاقتصادية والصراعات الجيوسياسية، يبقى الذهب الملاذ الأكثر أمانًا للمستثمرين الباحثين عن حماية أصولهم من التضخم وتقلبات السوق.

Exit mobile version