تستعد الجزائر، غدًا 25 أكتوبر 2025، لإطلاق حملة وطنية واسعة تحت شعار “عرس مليون شجرة في يوم واحد”، في مبادرة بيئية غير مسبوقة تهدف إلى تعزيز الوعي البيئي وترسيخ ثقافة الغرس الجماعي كقيمة وطنية ومواطنة.
وفي هذا السياق، يستحضر موقع الصحفي أحد الرموز الإعلامية التي أسهمت في نشر الوعي الزراعي منذ عقود، وهو الراحل أحمد وحيد، الذي يُعدّ من أبرز الوجوه التي ربطت بين التلفزيون والريف بصدق وعمق. فقد قدّم لسنوات طويلة البرنامج الشهير “الأرض والفلاح” على شاشة التلفزيون الجزائري، متنقلًا بين القرى والمزارع، وملامسًا هموم الفلاحين وآمالهم.
ولد أحمد وحيد، واسمه الحقيقي أحمد عثمان، في ولاية بسكرة سنة 1936، وبدأ مسيرته المهنية في الإذاعة الجزائرية كمقدّم ثم صحفي ميداني قبل أن ينتقل إلى التلفزيون الوطني، حيث أصبح من أبرز وجوهه في السبعينيات. واصل رسالته الإعلامية عبر برنامجيه “الأرض والفلاح” و“عالم الزراعة”، مقدّمًا تجربة إعلامية فريدة تمزج بين المعرفة الزراعية والبساطة الإنسانية.
كان الاعلامي والصحفي أحمد وحيد أحد رواد مدرسة الإعلام الميداني الزراعي في الجزائر، حيث رافق الفلاحين في مشاريعهم، وأوصل صوتهم إلى المدن. وتُظهر مقاطع أرشيفية من عقدي السبعينيات والثمانينيات حضوره الميداني وإخراجه المتقن للبرنامج، الذي صار مرجعًا في الإعلام الزراعي الوطني.
استمر برنامجه “الأرض والفلاح” لأكثر من عقدين من الزمن، صال وجال خلالها أحمد وحيد في الأرياف والسهوب والمزارع، مشاركًا الفلاحين يومياتهم، وناقلًا نبض الحقول إلى كل بيت جزائري. امتاز بصوته الرخيم ولهجته المحلية العفوية التي جعلته قريبًا من الناس، حتى وُصف بأنه “ربّت على أكتاف الفلاحين” وهو ينجز مهمته النبيلة في إيصال رسائل العمل والجهد والإنتاج.
برصانته واحترافيته، استطاع أن يقرّب عالم الزراعة من الجمهور العام، وأن يعرّف الجزائريين على ثرواتهم الطبيعية والزراعية من الشمال إلى الصحراء. ومن خلال رحلاته التلفزيونية، اكتشف الناس أراضي السهوب الخصبة ومزارع الواحات، كما تابعوا عبره قصص النجاح الزراعي التي صنعتها الأيادي الجزائرية في الحقول.
إن حملة “عرس مليون شجرة” التي تطلقها الجزائر اليوم تمثل امتدادًا طبيعيًا لذلك الإرث الإعلامي الوطني الذي ربط بين الكلمة والأرض، وبين الفكرة والمحراث. فهي ليست مجرد مناسبة رمزية، بل عرس وطني أخضر يستعيد روح أحمد وحيد، ذلك الصحفي الذي جعل من الأرض موضوعًا للوعي والمعرفة، وجعل من الشجرة رمزًا للمواطنة والأمل.



















