مونيكا حنا،…المتحف المصري الكبير بنية تحتية اجتماعية لإعادة تشكيل الوعي الوطني

في منشور للدكتورة المصرية مونيكا حنا، تطرقت إلى أهمية المتحف المصري الكبير كـ”بنية تحتية اجتماعية” تخدم المجتمع وتعيد تعريف علاقة المصريين بتراثهم. وأكدت على أن المتحف لم يعد مجرد مكان لعرض القطع الأثرية، بل مساحة للتفاعل اليومي مع التاريخ، حيث يمكن للزائر أن يعيش تجربة تحول معرفية وشخصية، ويشارك في بناء الهوية الجمعية. وأشارت حنا إلى أن إتاحة المتحف للناس بكل فئاتهم، من خلال أسعار مناسبة وخطاب مبسط وموجه للجميع، هي المفتاح لجعل المتحف جزءًا حيًّا من الحياة اليومية، يساهم في صمود المجتمع ويعزز الوعي الوطني والثقافي.

كما شددت حنا، على أن المتحف المصري الكبير يمثل فرصة لإعادة التفكير في دور المؤسسات الثقافية في القرن الواحد والعشرين. فهو ليس مجرد فضاء للعرض، بل منصة لبناء جسور بين الماضي والحاضر، بين الأجيال، وبين المجتمع وتراثه. هذه البنية التحتية الاجتماعية الجديدة تهدف إلى تمكين الناس من الانخراط في الحوار الثقافي، وفهم تاريخهم بشكل أعمق، بعيدًا عن أي تأثيرات استعمارية أو فكرية خارجية.

و تقول العالمة المتخصصة في علم المصريات أن المفتاح يكمن في التفاعل: كل قطعة أثرية في المتحف المصري الكبير ليست مجرد “أثر صامت”، بل عنصر يمكن أن يفتح حوارًا متعدد الأصوات. من خلال هذا الحوار، يمكن للمجتمع أن يعيد صياغة فهمه لتاريخه ويشكّل ذاكرة جماعية أكثر ثراءً وشمولًا. الأبحاث الحديثة في فلسفة المتحف المعاصر تؤكد أن التجربة التحويلية للزائر لا تتحقق إلا إذا شعر أن المتحف يخصه، وأن معرفته وثقافته لها مكان داخل هذا الصرح العظيم.

كما تؤكد حنا، لا يمكن تحقيق هذه الرؤية دون “إتاحة” حقيقية، تشمل جميع فئات المجتمع، سواء من حيث السعر أو إمكانية الوصول الفيزيائي أو العملي، أو من حيث لغة الخطاب والمعرفة التي يقدمها المتحف. كلما أصبح المتحف جزءًا حيًا من الحياة اليومية، كلما أصبح قادرًا على أن ينهض بدوره كمساحة ثقافية أساسية في الفراغ العام، يعزز الصمود المجتمعي ويبني الهوية الوطنية بطريقة واعية ومتوازنة.

الافتتاح المنتظر للمتحف المصري الكبير ليس مجرد حدث سياحي أو احتفالي؛ إنه لحظة تاريخية لإعادة تعريف العلاقة بين المجتمع المصري وتراثه. كما تؤكد حنا، المتحف الجديد يمكن أن يكون نموذجًا عالميًا لما ينبغي أن تكون عليه المؤسسات الثقافية الحديثة: فضاءات حية، متاحة، محفزة للتفكير، ومكون أساسي من البنية الاجتماعية والمعرفية لأي مجتمع يسعى للحفاظ على تاريخه وفهمه بوعي ومسؤولية.

في النهاية، المتحف المصري الكبير ليس فقط صرحًا معماريًا أو سياحيًا، بل فرصة لإعادة تشكيل الوعي الوطني والثقافي، ليصبح كل مصري شريكًا في التاريخ، مشاركًا في صناعة الحاضر والمستقبل. هذا هو جوهر رؤية حنا لمستقبل المؤسسات الثقافية في مصر، وفي العالم العربي عمومًا.

Exit mobile version