وقّع العراق وتركيا، اليوم الأحد، اتفاقًا جديدًا لإدارة الموارد المائية المشتركة وتنفيذ مشاريع للبنية التحتية المائية داخل الأراضي العراقية، في خطوة وُصفت بأنها «تاريخية» ضمن مسار العلاقات الثنائية بين البلدين.
الاتفاق، الذي أُعلن عنه في بغداد خلال زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ولقائه نظيره العراقي فؤاد حسين، يتضمن إنشاء مشاريع لتحديث منظومات الري والسدود، إضافة إلى دعم الشركات التركية في تنفيذ أعمال تطوير الشبكات المائية في العراق.
ووفق ما نقلته وكالة رويترز، فإن الاتفاق ينص على آلية تعاون طويلة الأمد لإدارة مياه نهري دجلة والفرات، مع التزام تركي بزيادة معدلات تدفق المياه إلى العراق تدريجيًا، بما يخفف من تأثير موجات الجفاف التي تضرب البلاد منذ سنوات.
ويمثل هذا التفاهم أحدث محاولة لحل أزمة المياه التي تفاقمت في السنوات الأخيرة، حيث يعتمد العراق بنسبة تفوق 70 بالمئة على تدفقات النهرين اللذين ينبعان من الأراضي التركية. وتشير بيانات رسمية إلى أن تركيا خفضت منسوب المياه المتدفقة إلى العراق بسبب مشروعاتها الداخلية، ما أثار احتجاجات متكررة من بغداد.
وبحسب مصادر عراقية، يشمل الاتفاق أيضًا التعاون في مجال التدريب الفني وتبادل البيانات الخاصة بالمناسيب المائية والسدود، إلى جانب مراقبة الاستخدام الزراعي للمياه.
ورغم الأجواء الإيجابية التي رافقت التوقيع، يرى مراقبون أن نجاح الاتفاق سيتوقف على مدى التزام الجانبين بالتنفيذ الفعلي، خصوصًا أن اتفاقات سابقة لم تُترجم ميدانيًا بسبب الخلافات حول الحصص المائية.
يُشار إلى أن تركيا كانت قد أعلنت مؤخرًا استعدادها لدعم مشاريع بنية تحتية في العراق بقيمة تتجاوز (2 مليار دولار)، ما يجعل الاتفاق الجديد جزءًا من تعاون أوسع يمتد إلى قطاعات النقل والطاقة.
و يُعدّ نهر دجلة أحد أهم الأنهار في غرب آسيا، يبلغ طوله نحو 1,850 كيلومترًا، وينبع من جبال طوروس الجنوبية الشرقية في تركيا، عند ارتفاع يقارب 4,000 متر فوق سطح البحر. يدخل العراق عند بلدة فيشخابور على الحدود مع سوريا، ويتفرع داخله إلى عدة روافد رئيسية مثل الزاب الكبير والزاب الصغير وديالى والعظيم، وتصل تصريفاته المائية المتوسطة إلى نحو 1,200 متر مكعب في الثانية في المواسم الرطبة، لكنها تتراجع إلى أقل من 300 متر مكعب/ثانية في الصيف. يستخدم دجلة لتغذية سد الموصل وسد سامراء وعدد من مشاريع الري الكبرى، كما يشكل موردًا أساسيا لمياه الشرب والطاقة الكهرومائية.
أما نهر الفرات فيبلغ طوله حوالي 2,800 كيلومتر، وهو أطول نهر في غرب آسيا. ينبع من منبعين رئيسيين في الأناضول الشرقية بتركيا، قره صو ومراد صو، ويلتقيان قرب مدينة ملطية ليشكلان مجرى الفرات الذي يمر عبر سوريا والعراق قبل أن يتحد مع دجلة في شط العرب. تصل طاقته التصريفية التاريخية إلى نحو 850 متر مكعب في الثانية عند دخوله الأراضي العراقية، لكنها انخفضت بأكثر من 60٪ بسبب السدود التركية والسورية، وأهمها سد أتاتورك بسعة تخزين تتجاوز 48 مليار متر مكعب. ويقدّر إجمالي مساحة حوض دجلة والفرات بـنحو 879 ألف كيلومتر مربع، منها 28٪ في العراق، و17٪ في سوريا، و40٪ في تركيا، وتشهد المنطقة حاليًا اختلالًا مائيًا متزايدًا نتيجة السدود، التبخر، وتراجع معدلات الأمطار بفعل التغير المناخي.
