تطرّق تقرير لوكالة رويترز الأمريكية إلى التطورات الأخيرة المرتبطة بتهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشنّ ضربات عسكرية ضد نيجيريا، في خطوة وُصفت داخل أروقة البنتاغون بالمفاجئة وغير المتوقعة، بعد أن أعلن عنها الرئيس عبر منصّته على تروث سوشيال مطلع الأسبوع.
وذكرت الوكالة أن وزير الدفاع الأمريكي سارع إلى الردّ على تصريحات ترامب قائلاً: «أمرك سيدي»، في حين عبّر عدد من المسؤولين العسكريين عن صدمتهم من طبيعة الأوامر الجديدة، خصوصًا أنها تتعلق بملفات لم تكن تحظى بأولوية في سياسة الإدارة، مثل التجارب النووية والأوضاع في فنزويلا وتهريب الكوكايين.
وأشار التقرير إلى أن مسؤولي البنتاغون كانوا يتوقعون أن تتركز أولويات إدارة ترامب على أمن الحدود والتنافس العسكري مع الصين، إلى جانب الضغط على حلف شمال الأطلسي لتعزيز موقفه أمام روسيا، غير أن تصريحات الرئيس الأخيرة بشأن نيجيريا وملفات أخرى بدت وكأنها تعيد ترتيب أجندة الأمن القومي الأمريكي.
وأضافت رويترز أن ترامب اتهم حكومة نيجيريا بالسماح بقتل المسيحيين، وأمر البنتاغون بالاستعداد لـ”عمل محتمل”، محذرًا من أن أي ضربات ستكون “سريعة وشرسة”. وعندما سُئل عن إمكانية نشر قوات برية أو تنفيذ غارات جوية، أجاب: «قد يكون ذلك. ربما أشياء أخرى أيضًا».
وأشار التقرير إلى أن المسافة الجغرافية الكبيرة بين نيجيريا والقاعدة العسكرية الأمريكية في جيبوتي — التي تبعد أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر — تجعل من تنفيذ أي عمليات عسكرية معقّدة من الناحية اللوجستية والاستخباراتية.
ورغم أن جماعة بوكو حرام كانت لسنوات إحدى أولويات واشنطن في الحرب على الإرهاب، فإن الاهتمام الأمريكي تراجع خلال السنوات الأخيرة، دون أن تتضح الأسباب التي دفعت ترامب إلى إثارة الملف مجددًا.
ونقلت الوكالة عن المتحدثة باسم البيت الأبيض آنا كيلي قولها إن الرئيس “يستمع إلى مستشاريه الموثوقين، لكنه صاحب القرار النهائي في السياسة الخارجية”، مؤكدة أن ترامب “تحرك بدافع القلق على مصير المسيحيين في نيجيريا”.
كما أورد التقرير تصريحات للزعيم الإنجيلي غاري باور، الذي قال إن شخصيات دينية عديدة عبّرت عن قلقها من تصاعد الهجمات ضد المسيحيين، وضغطت على ترامب لاتخاذ موقف حازم. وجاءت تصريحات الرئيس بعد يوم واحد من إدراج نيجيريا على قائمة “الدول التي تثير القلق بشكل خاص” بسبب انتهاكاتها للحريات الدينية.
من جهته، أشار أحد مسؤولي الدفاع إلى أن بعض العسكريين توقعوا هذا التحرك بعد مداخلات السناتور تيد كروز، الذي اتهم السلطات النيجيرية بـ”السماح بإبادة جماعية للمسيحيين” خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة. ومع ذلك، لم تصدر أي أوامر تنفيذية محددة من البنتاغون بشأن عمليات عسكرية في نيجيريا.
ولفت التقرير إلى أن نيجيريا، التي يتجاوز عدد سكانها 200 مليون نسمة وتضم أكثر من 200 مجموعة عرقية، تعاني منذ أكثر من 15 عامًا من هجمات بوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية في ولاية غرب إفريقيا، ما أسفر عن مقتل الآلاف وتشريد مئات الآلاف. كما تشهد البلاد صدامات متكررة بين رعاة مسلمين ومزارعين مسيحيين بسبب الموارد الطبيعية.
ونقلت رويترز عن فيكتوريا كوتس، المسؤولة السابقة في إدارة ترامب، قولها إن نيجيريا، بصفتها منتجًا رئيسيًا للنفط، تحتاج إلى تحسين أمنها الداخلي لضمان استقرار أنشطتها الاقتصادية، مضيفة أن “الوضع مزرٍ للغاية”.
أما المبعوث الأمريكي السابق إلى المنطقة بيتر فام فأوضح أن معظم ضحايا العنف هم من المسلمين، لكنه أشار إلى أن المسيحيين تأثروا بنسبة تفوق حجمهم الديموغرافي. وختم التقرير بالإشارة إلى أن تحرك ترامب الأخير قد يكون “محاولة لإحياء نقاش مهمل حول الاضطهاد الديني في نيجيريا”، وإن كانت دوافعه الحقيقية لا تزال موضع تساؤل.



















