فاز زُهران ممداني في انتخابات عمدة مدينة نيويورك لعام 2025، التي جرت في 4 نوفمبر، محققًا نحو 50.4 % من الأصوات بما يعادل حوالي 1 036 051 صوتًا، مقابل نحو 41.6 % لمنافسه أندرو كومو.
يُعد هذا الفوز تاريخيًا ورمزيًا في آن واحد، إذ أصبح زُهران ممداني أول شخص مسلم يُنتخب عمدةً لنيويورك، وواحدًا من أصغر العُمداء في تاريخ المدينة، في خطوة اعتبرها المراقبون تحولًا سياسيًا ملموسًا يعكس تغير أولويات الناخبين وتوجهاتهم نحو القيادة الشابة والتقدمية.
وقد ركّز ممداني خلال حملته على قضايا محورية مثل تكلفة المعيشة، الإيجارات، وسائل النقل العام، ودعم الطبقة العاملة، ما أكسبه صدى واسعًا بين الناخبين.ا نيويورك.
و في أول خطاب له عقب فوزه ،قال عمدة نيويورك الجديد زُهران ممداني جملة بالعربية: «أنا منكم وإليكم»، في رسالة رمزية تعكس قربه من المجتمعات المهاجرة والمتنوعة في المدينة. استخدم هذه العبارة للتأكيد على أنه ليس فقط ممثلًا للمدينة، بل جزء منها، ويعمل لخدمة كل سكانها بغض النظر عن خلفياتهم الثقافية أو الدينية.
و تشير المعطيات إلى أن الانتخابات شهدت مشاركة واسعة تجاوزت المليونين من الناخبين، مما يعكس اهتمامًا متزايدًا بقضايا مثل تكلفة المعيشة، الإيجارات، ووسائل النقل العام.
في أول خطاب له بعد فوزه، أكد ممداني أن «نيويورك مدينة المهاجرين وبُنيت على أيديهم، واليوم تُدار على يد مهاجر»، مشددًا على أن فوزه يمثل تفويضًا للتغيير، وإشعارًا بأن السياسة يمكن أن تكون أكثر عدلاً وواقعية لمصلحة الطبقة العاملة. وأضاف أن الأجندة المقبلة ستتضمن إجراءات ملموسة لمواجهة أزمة تكلفة المعيشة، مؤكدًا أن هذا الانتصار يطيح بالأساليب القديمة التي خدمت القليل على حساب الكثير.
و يُعتبر فوز زُهران ممداني بمثابة طوفان سياسي لأنه يرمز إلى تحوّل واضح من السياسات الليبرالية الاقتصادية المتوحشة نحو نموذج أكثر اشتراكية وتقدمية في إدارة المدن الكبرى. فقد جاء برنامجه الانتخابي الذي ركّز على تجميد الإيجارات، دعم النقل العام، حماية الطبقة العاملة، وزيادة الضرائب على أصحاب الدخل المرتفع والشركات الكبرى ليشكّل ردًا عمليًا على السياسات الليبرالية التي تُركّز على السوق الحر دون ضمان العدالة الاجتماعية.
هذا الانتصار ليس مجرد حدث انتخابي محلي، بل إشارة قوية بأن الناخبين بدأوا يرفضون النموذج الاقتصادي التقليدي الذي يعمّق الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وأنه هناك استعداد متزايد لتبني سياسات تجمع بين العدالة الاقتصادية والتمثيل السياسي الشامل، ما يجعل نيويورك مختبرًا لتجربة سياسية حضرية جديدة قد يكون لها تداعيات على السياسات الوطنية لاحقًا أو حتى العالمية.
من هو زُهران ممداني عمدة نييوروك الجديد ؟
زوهران كوامي ممداني، من مواليد 18 أكتوبر 1991 في كمبالا بأوغندا، ينحدر من أسرة هندية بارزة؛ والداه هما المخرجة الشهيرة Mira Nair والأكاديمي Mahmood Mamdani من جامعة كولومبيا. قضى طفولته بين كمبالا وكيب تاون بجنوب أفريقيا، قبل أن تنتقل عائلته إلى نيويورك عندما كان عمره سبع سنوات. تلقى تعليمه في المدارس العامة في المدينة، ثم حصل على شهادة البكالوريوس في دراسات إفريقيا (Africana Studies) من كلية Bowdoin عام 2014، وحصل على الجنسية الأمريكية في 2018.
قبل دخوله السياسة، عمل ممداني كمستشار لمساعدة أصحاب المنازل المهددة بالإخلاء في كوينز. وفي يونيو 2020، فاز في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية لعضوية جمعية ولاية نيويورك عن الدائرة 36، متغلبًا على مرشحة كانت تشغل المنصب لفترات طويلة. ركّز خلال عمله النيابي على قضايا الإسكان، وسائل النقل، العدالة الجنائية، والمناخ.
يعرّف ممداني نفسه كاشتراكي ديمقراطي ويقدّم نفسه كبديل للممارسات السياسية التقليدية، مع برنامجه الذي يتضمن تجميد الإيجارات، إتاحة الحافلات مجاناً، إنشاء متاجر حكومية لخفض أسعار المواد الغذائية، وزيادة الضرائب على الشركات والأفراد ذوي الدخول المرتفعة. كما يركّز على تحقيق العدالة الاجتماعية وتلبية احتياجات الطبقة العاملة والمهاجرين.
تُعد هويته متعددة الأبعاد (أفريقية-هندية-أمريكية) رمزًا للجيل الجديد في السياسة الحضرية الأميركية، إذ يجمع بين تجربة المهاجرين وثقافات متعددة ليقدّم نموذجًا للتغيير التقدمي.
و يُعتبر موقف زُهران ممداني من القضية الفلسطينية جزءًا أساسيًا من هويته السياسية، ويظهر التزامه بالتضامن مع الشعب الفلسطيني على أنه واجب أخلاقي وسياسي. عبّر ممداني عن دعمه لحركة BDS (المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات) باعتبارها وسيلة قانونية لمواجهة ما يصفه بـ”النظام الاستعماري” في الأراضي الفلسطينية، مؤكدًا أن الهدف من هذه الخطوة هو احترام القانون الدولي وتحقيق العدالة لكل المواطنين. كما رفض الاعتراف بإسرائيل كدولة “يهودية” دون شروط، مشددًا على أن أي اعتراف يجب أن يكون مشروطًا بضمان حقوق متساوية لجميع السكان.
