يقدّم الفيلم الوثائقي “ضد السينما” للمخرج والصحفي علي سعيد قراءة مختلفة لتاريخ السينما في السعودية، إذ يفنّد الاعتقاد السائد بأن بدايتها تعود إلى عام 2017 مع قرار منح تراخيص دور العرض، أو عام 2018 مع عرض أول فيلم تجاري.
ويعود العمل الوثائقي “ضد السينما” إلى أكثر من قرن، مستعيدًا علاقة السعوديين بالفن السابع عبر مرحلتين أساسيتين؛ ما قبل حادثة الحرم المكي عام 1979 وما بعدها. ويسترجع الفيلم بدايات المشاهدة في ثلاثينيات القرن الماضي عندما استقطبت شركة الزيت العربية الأمريكية، التي أصبحت لاحقًا “أرامكو”، عدداً كبيراً من الموظفين الأجانب الذين شكّلوا تجمعات شغوفة بالسينما. وفي الوقت نفسه، كان بعض السعوديين يتابعون الأفلام داخل “الأحواش” بطريقة غير منظمة وبعروض غير رسمية، فيما دخلت الأشرطة السينمائية إلى المملكة عبر التهريب.
ويعرض الوثائقي السعودي تحول الأربعينيات والخمسينيات نحو إنتاج محلي داخل أرامكو، عبر أفلام دعائية وإرشادية مثل “الذباب”، و”جزيرة العرب” (1955)، و”الحرب على الملاريا” (1956)، إضافة إلى انتشار قاعات عرض صغيرة داخل الأندية الرياضية في السبعينيات، المخصصة للرجال. ويتوقف العمل عند أسماء بارزة، مثل المخرج عبد الله المحيسن الذي درس السينما في بريطانيا وأخرج فيلم “اغتيال مدينة” عام 1976. غير أن حادثة 1979 مثّلت نقطة فاصلة، إذ صعد نفوذ التيار المتشدد وأُغلقت دور السينما ومنعت المذيعات من الظهور.
ومع ذلك، حافظ جيل الثمانينيات على شغفه عبر “أندية المشاهدة” وتبادل الأشرطة سرًا ثم متابعة الأفلام عبر الإنترنت. ويتناول الفيلم محاولات شباب تلك الفترة لصنع أفلام قصيرة تُعرض سرًا أو خارج البلاد. ولا يغفل العمل دور المرأة السعودية، مستعيدًا تجربة هيفاء المنصور وفيلمها “وجدة” (2012). كما يقدم شهادات جيل المخرجين الجدد، مثل شهد أمين وهند الفهاد وعلي الكلثمي، الذين أصبحوا واجهة لصناعة السينما السعودية.
وتتمثل مفاجأة الفيلم في كشفه عن أول عرض سينمائي جماهيري عام 1918 في جدة، خلال زيارة بعثة فرنسية صوّرت فيلمين قصيرين عُرضا أمام الجمهور، قبل أن يُطلب من البعثة مغادرة البلاد بسبب ردود الفعل المتباينة. ويُعرض الفيلم ضمن مسابقة “آفاق السينما العربية” في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي. وأوضح علي سعيد أن غياب ذكر السينما السعودية في الأرشيف العالمي كان دافعًا لرحلة بحث استمرت خمس سنوات، بدعم من مركز “إثراء” ومهرجان البحر الأحمر السينمائي.
المصدر: رويترز
