في مقال لبوابة الأهرام الإنجليزية، تطرقت مونيكا حنا، أستاذة علم المصريات وعميدة كلية التراث العمراني بالأكاديمية العربية بالقاهرة، إلى تداعيات افتتاح المتحف المصري الكبير (GEM) في هضبة الأهرامات، معتبرة هذا الحدث لحظة مهمة لربط المصريين بتراثهم وهويتهم الثقافية. وأوضحت هانا أن المتحف ليس مجرد صرح لعرض الآثار، بل منصة لتعزيز الصلة بين المواطنين وتاريخهم العريق، في مواجهة التوجهات الاستعمارية التي كانت تجعل الاهتمام بآثار مصر القديمة محصورًا لدى الأجانب.
وأشارت حنا إلى أن اهتمام المصريين بتراثهم لم يقتصر على التغطية الإعلامية الواسعة لافتتاح المتحف، بل إنه نابع من ارتباط حقيقي وثابت بالهوية المصرية. واعتبرت أن عناصر من حضارة مصر القديمة ما زالت باقية في عادات وممارسات المصريين اليومية، وأن هذا التراث يحتاج فقط إلى الفرصة المناسبة لإظهار قيمته وتأثيره.
كما تناولت حنا تاريخ الاستبعاد الذي تعرض له المصريون من عمليات التنقيب في القرن التاسع عشر، والتي كانت تحت سيطرة القوى الاستعمارية بهدف التحكم في سرد التاريخ. وأوضحت أن بعض المستكشفين الأجانب، مثل هوارد كارتر، تورطوا في تهريب بعض القطع الأثرية، إلا أن النزعة الوطنية التي نشأت مع ثورة 1919 مكنت مصر من الاحتفاظ ببعض القطع المهمة، بما في ذلك مقتنيات توت عنخ آمون، والتي تُعرض الآن في المتحف المصري الكبير GEM.
وشددت حنا على أن تهريب الآثار لم يكن مجرد مسألة مالية، بل محاولة للسيطرة على سرد التاريخ. وأشارت إلى أن المعرفة التي أنتجها علم المصريات الحديث كانت غالبًا من إنتاج الأوروبيين، وأن هذه الهيمنة ما تزال قائمة إلى حد كبير، معتبرة أن افتتاح GEM يشكل فرصة لتغيير هذا التصور وتمكين المصريين من التفاعل مع تراثهم مباشرة.
وأكدت حنا على ضرورة تسهيل الوصول للمتحف للمصريين، من خلال أيام دخول مجانية، وإتاحة المرشدين للطلاب، معربة عن استيائها من وضع حصص للزوار الأجانب مقابل المصريين في أيام معينة، حيث تم تخصيص 80٪ للزوار الأجانب و20٪ فقط للمصريين. واعتبرت هذا القرار خطأً يدعم الانطباع بأن علم المصريات موجه أساسًا للأجانب، داعية إلى توفير فرص متكافئة للمصريين لفهم تراثهم.
كما تناولت ، أستاذة علم المصريات أهمية إعادة صياغة المناهج التعليمية في مصر لتشجيع الطلاب على التعرف إلى تاريخهم بطريقة جذابة، بما في ذلك القيام برحلات ميدانية للمواقع الأثرية، مع مراعاة الطابع الإقليمي لتعليم التراث، مثل زيارة وادي الملوك للأطفال في الأقصر لتعزيز الاتصال المباشر بالتراث المحلي.
وأشارت إلى أن فتح المجال للباحثين المصريين لإجراء البحوث داخل المتحف المصري الكبير GEM أمر أساسي لإزالة البصمة الاستعمارية عن علم المصريات، مع التأكيد على ضرورة تمويل هذه البحوث محليًا لتجنب التأثير الأجنبي على نتائجها.
وأكدت حنا أن GEM يجب أن يكون جزءًا من نظام تراثي شامل يدمج المتاحف الأخرى، مثل المتحف المصري في ميدان التحرير، ويغطي جميع جوانب التراث، بما في ذلك التراث غير المادي، وليس فقط الآثار والمومياوات. وشددت على أن الفصل القسري بين الماضي والحاضر فكرة استعمارية يجب التخلص منها.
كما أعربت حنا عن رغبتها في إعادة بعض القطع الفريدة إلى مصر، مثل حجر رشيد وتمثال نفرتيتي، لكنها شددت على أن التركيز يجب أن يكون على تعزيز التراث المحلي ومتاحف الدولة بدلاً من مجرد زيادة عدد القطع في GEM.
في المجمل، اعتبرت حنا أن افتتاح GEM يمثل فرصة لإعادة تعريف العلاقة بين المصريين وتراثهم، مع توفير محتوى جذاب للأطفال والكبار، وتعزيز البحث العلمي المحلي، وإعادة صياغة السياسات المتعلقة بحفظ التراث بشكل شامل ومتوازن بين السياحة، التعليم، البحث، والترميم.



















