توصلت حكومات العالم خلال مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ كوب30 في البرازيل إلى تسوية تدعم زيادة التمويل الموجه للدول الفقيرة المتأثرة بالاحتباس الحراري، من دون أي إشارة إلى الوقود الأحفوري الذي يتصدر مسببات الانبعاثات. وتسعى البرازيل من خلال هذا التوافق إلى إبقاء ملف المناخ على رأس الاهتمامات الدولية، رغم غياب وفد رسمي من الولايات المتحدة، أكبر مصدر تاريخي للانبعاثات.
اتفاق المناخ كوب30 الذي جاء بعد تمديد المفاوضات في مدينة بيليم كشف عن تباينات واسعة بين دول غنية ونامية، إضافة إلى خلافات حادة حول مستقبل النفط والغاز والفحم. رئيس المؤتمر آندريه كوريا دو لاجو أقر بصعوبة المشاورات، وقال إن بعض الوفود كانت تطمح إلى مواقف أقوى في ملفات محددة.
عدة دول أعلنت اعتراضها على غياب خطة واضحة لكبح الانبعاثات أو تحديد مسار للتعامل مع الوقود الأحفوري. وكانت كولومبيا وبنما وأوروغواي من أبرز المنتقدين قبل تعليق الجلسة العامة لإجراء مشاورات إضافية. وأكدت مفاوضة كولومبيا أن الوقود الأحفوري يبقى العامل الأكبر في الانبعاثات، مبررة رفض اتفاق يتجاهل الحقائق العلمية. الدول الثلاث أوضحت أنها لا تعترض على الاتفاق السياسي الرئيسي، بل على نص تقني كان يفترض إقراره في ختام القمة.
هذه المواقف تلاقت مع موقف الاتحاد الأوروبي الداعي إلى تضمين نص صريح حول التحول عن الوقود الأحفوري، بينما اعتبر تحالف دول عربية—من بينها السعودية—أن أي ذكر للوقود الأحفوري خارج إطار نقاش محدد غير مقبول. وبعد مفاوضات امتدت طوال الليل، وافق الاتحاد الأوروبي على عدم تعطيل الاتفاق، رغم إعلان عدم رضاه عن النتيجة.
وفي تصريحات أكثر حدة، قال مفاوض بنما خوان كارلوس مونتيري إن أي قرار مناخي يخلو من الإشارة إلى الوقود الأحفوري “ليس حيادًا بل تواطؤًا”.
الاتفاق يطلق مبادرة طوعية لدعم تنفيذ الدول لتعهداتها الحالية بخفض الانبعاثات، ويدعو الدول الغنية إلى رفع تمويل التكيف الموجه للدول النامية إلى ثلاثة أمثاله بحلول 2035. ويؤكد العلماء أن التعهدات الوطنية ساعدت في خفض مستوى الاحترار المتوقع، لكنها غير كافية لتجنب تجاوز سقف 1.5 درجة مئوية.
الدول النامية شددت على حاجتها الملحّة إلى التمويل، في ظل تفاقم آثار المناخ مثل ارتفاع مستوى البحار واشتداد موجات الحر والجفاف والفيضانات. وأوضح أفيناش بيرسود، المستشار الخاص لبنك التنمية للبلدان الأمريكية، أن التركيز على التمويل خطوة مهمة، لكنه أشار إلى نقص المنح السريعة للدول المتضررة.
الخلاف بين الاتحاد الأوروبي والمجموعة العربية أدى إلى تأجيل المفاوضات لما بعد الموعد النهائي. وقال رئيس المؤتمر إن الرئاسة ستصدر نصًا منفصلًا حول الوقود الأحفوري وحماية الغابات، خارج الاتفاق الرسمي، بسبب غياب التوافق. كما يتضمن الاتفاق إطلاق عملية لمراجعة دور التجارة الدولية في دعم العمل المناخي وسط مخاوف من تأثير الحواجز التجارية على انتشار التكنولوجيا النظيفة.
المصدر: رويترز
