تُعد المبايعة الأولى للأمير عبد القادر، التي جرت يوم 27 نوفمبر 1832 تحت شجرة “الدردارة” بمنطقة غريس بولاية معسكر، لحظة تاريخية فاصلة في مسار المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي، حيث مثلت الانطلاقة الأولى لبناء مشروع وطني موحد لمواجهة الجيش الاستعماري.
وأوضح الأستاذ لحسن جاكر، مختص في تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر بجامعة مصطفى اسطمبولي بمعسكر، أن مبايعة الأمير عبد القادر جمعت كلمة القبائل ووحدت صفوفها، مضيفًا أن الحدث منح الأمير عبد القادر شرعية شعبية لقيادة الجهاد، وأكد للجزائريين رمزيته كمؤسس الدولة الحديثة وقائد للمقاومة.
من جهته، أبرز الباحث أحمد طواقين، المختص في تاريخ المقاومة الشعبية بالمنطقة، أن المبايعة كرست مشروعًا وطنيا هدفه طرد القوات الفرنسية وإعادة بعث الدولة الجزائرية التي كانت قائمة قبل الاحتلال. وشدد على أن هذه المحطة شكلت غطاء شرعيا ودينيا لقيادة الجهاد، إذ تمّت في إطار مبدأ الشورى وبحضور شيوخ القبائل والأعيان والعلماء والفقهاء، ما أعطاها طابعًا شرعيًا مرتبطًا بالدفاع عن الدين والأرض والعرض.
وأشار طواقين إلى أن المبايعة كانت أساسًا لتأسيس مؤسسات الدولة الحديثة، عبر إنشاء جيش نظامي ودواوين للإدارة والقضاء والمالية، وربط علاقات دبلوماسية مع عدة دول. وأضاف أن هذه اللحظة التاريخية أرست دعائم الدولة وأثبتت قدرة الإرادة الجماعية على مواجهة أطماع قوات الاحتلال.
كما أوضح تقي الدين بوكعبر، أستاذ تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر، أن المبايعة شكّلت اللبنة الأولى للدولة الجزائرية الحديثة التي صمدت بين 1832 و1847 أمام واحدة من أقوى جيوش العالم آنذاك، معتمدًا الأمير عبد القادر على العلماء والفقهاء والكفاءات العلمية الذين شغلوا مناصب قيادية في جيشه وخلفاؤه في مختلف مناطق الوطن، على غرار مصطفى بن التهامي ومحمد البوحميدي ومحمد بن علال.
المصدر: وأج



















