محرقة الأغواط…الجزائر تحيي ذكرى واحدة من أفظع جرائم الاستعمار الفرنسي

بمناسبة مرور الـ173 سنة على “محرقة الأغواط” (الجزائر)  التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي ضد سكان المدينة عام 1852، أحيت الولاية هذه الذكرى بتنظيم مراسيم تكريمية للشهداء وندوة تاريخية لتسليط الضوء على أحداث المقاومة ودور المجاهد بن ناصر بن شهرة في الدفاع عن الأرض والعرض.

محرقة الأغواط وقعت في 4 ديسمبر 1852 عندما اقتحمت القوات الفرنسية المدينة بعد حصار دام عدة أسابيع، في إطار حملة احتلال الصحراء الجزائرية. وأدى الهجوم إلى مقتل أعداد كبيرة من السكان المدنيين، بينهم نساء وأطفال، وتدمير منازل المدينة، حيث وصفت بعض المصادر المجزرة بأنها واحدة من أبشع الجرائم الاستعمارية في تاريخ الجزائر.

وشارك ممثلون عن الأسرة الثورية والسلطات الولائية في إحياء ذكرى “محرقة الأغواط” بوضع أكاليل الزهور وقراءة فاتحة الكتاب ترحماً على أرواح الشهداء، على مستوى روضتي شهداء مقاومة الأغواط 1852 وشهداء ثورة أول نوفمبر 1954.

وفي المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية “البشير الإبراهيمي”، نظم بالتنسيق مع جمعية الصفاح للثقافة وحماية التراث ندوة تاريخية حول ذكرى المقاومة، بمشاركة مجموعة من الباحثين والمؤرخين. وأكد المشاركون أن مقاومة الأغواط ليست مجرد حدث عابر، بل نموذج للثبات ورسالة للأجيال بأن الذاكرة الحية شكل من أشكال المقاومة.

وتسترجع الذكرى أحداث 4 ديسمبر 1852، اليوم الذي اقتحمت فيه القوات الفرنسية الأغواط مستخدمة القوة لمحاولة قمع سكان المدينة، الذين رفضوا الاستسلام ودافعوا عن الأرض والعرض بقيادة المجاهد بن ناصر بن شهرة، القائد الذي شكل رمزا للمقاومة في المنطقة وسعى لتوحيد القبائل وتنسيق الجهود ضد الاحتلال الفرنسي.

و تُعرف “محرقة الأغواط” أيضًا باسم “عام الخلية” أو “عام الشكاير”، ويُخلدها الجزائريون اليوم بفعاليات تذكارية ووضع أكاليل الزهور على روضات الشهداء وندوات تاريخية. ويعتبر المؤرخون أن محرقة الأغواط ليست مجرد مأساة محلية، بل نموذجًا مبكرًا لإستراتيجية الإبادة الجماعية التي اعتمدها الاستعمار الفرنسي في إخضاع المناطق الصحراوية.

خلال فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر بين 1830 و1962، نفذت القوات الاستعمارية عشرات الحملات الدموية ضد المدنيين، شملت حرق القرى ومجازر جماعية وتهجير السكان. ويشير المؤرخون إلى أن عدد المحارق الكبرى التي طالت مدنًا وقرى يتراوح بين 20 و30 حدثًا، من أبرزها محرقة الأغواط 1852، ومجازر سطيف وخراطة والمقراني، حيث قتل فيها آلاف المدنيين، بما في ذلك نساء وأطفال.

تسببت هذه السياسات في خسائر بشرية هائلة، إذ يُقدر عدد الضحايا المدنيين في هذه المحارق والمجازر بما يزيد على 50 ألف شخص في المراحل المبكرة من الغزو ومقاومة القبائل، بالإضافة إلى عشرات الآلاف أثناء الثورة التحريرية بين 1954 و1962. وتظل هذه المحارق جزءًا من الذاكرة الوطنية الجزائرية، وتخلد في الفعاليات التذكارية والندوات التاريخية لتأكيد صمود الشعب الجزائري أمام الاستعمار الفرنسي.

المصدر: وأج + الصحفي

Exit mobile version