تطرقت افتتاحية مجلة الجيش في عددها الأخير لشهر ديسمبر 2025، بعنوان “تاريخنا أسمى من مغالطاتهم”، إلى أهمية الحفاظ على الذاكرة الوطنية وصون الإرث التاريخي الذي تركه الأسلاف. وأكدت المجلة أن الارتباط بتاريخ الجزائر المجيد يمثل الشريان الذي يغذي حاضر البلاد ويبني مستقبلها، والنبراس الذي تهتدي به الأجيال وهي تواصل مسيرة بناء وطن قوي وآمن ومزدهر.
وأبرزت الافتتاحية أن الجزائر في الوقت الذي تحتاج فيه إلى التمسك بتاريخها الأصيل، تظهر بين الحين والآخر أصواتٌ وصفتها المجلة بـ”المتشددقين والمغرورين”، يدّعون امتلاك الحقيقة التاريخية والجغرافية، ويسعون – عن قصد وبسوء نية – إلى التشكيك في التاريخ الوطني والطعن في رموزه. وترى المجلة أن البعض يخلط بين حرية التعبير وبين محاولات المساس بالثوابت الوطنية، وهو ما وصفته بسوء فهم لحقيقة ما يحاك ضد البلاد.
وشددت الافتتاحية على أن الاختلاف في الرأي يظل مفيدًا إذا كان مؤسسًا ويحترم المصالح العليا للوطن، وينطلق من القيم والمرجعيات المشتركة، لكنه يفقد معناه عندما يتحول إلى وسيلة للتشويه أو التشكيك في الذاكرة والتاريخ والهوية. واعتبرت أن تبرير التدليس بحجة حرية التعبير يعد “عذرًا أقبح من ذنب”، واعتداءً صارخًا على سجل التضحيات التي قدّمها رجال ونساء ضحوا بالغالي والنفيس من أجل أن تعيش الجزائر حرّة وسيدة.
وأكدت المجلة أن تاريخ الجزائر زاخر بمحطات خالدة صنعت شموخ البلاد وكبرياءها، سطّرها أبطال قدّموا أروع الأمثلة في الشجاعة والفداء، خصوصًا خلال فترة الاحتلال الذي حاول طمس الهوية الوطنية ومقومات الشخصية الجزائرية. وأضافت أن الجزائر شهدت مقاومات متتابعة وثورات شعبية شكلت الأساس الذي انبثق منه جيش التحرير الوطني، الذي قاد ثورة تحريرية عظيمة هدفها استعادة السيادة والانعتاق من العبودية والطغيان.
وأوضحت الافتتاحية أن الجزائر المستقلة بقيت وستبقى مرتبطة بقيم نوفمبر ورجاله المخلصين، الذين ظلوا خالدين في الذاكرة الوطنية، في مواجهة كل من يحاول التشكيك أو التلاعب بالحقائق. واعتبرت المجلة أن التاريخ الوطني ليس حكايات تُروى للتسلية أو سلعة تُباع لمن يبحث عن المكاسب، بل هو سيرورة من الأحداث الراسخة التي صنعت المجد الوطني، ولا يحق الخوض فيه إلا لمن هو أهل لذلك.
وجددت الافتتاحية تأكيدها أن التاريخ الوطني والذاكرة الجماعية خط أحمر لا يقبل المساومة أو التلاعب، لأنه يمثل صمام أمان للبلاد، والدفاع عنه واجب وطني مقدس. وذكرت أن كل محاولات التشويه “محاولات فاشلة” يركبها – حسب المجلة – الحاقدون والانتهازيون بحثًا عن موقع في تاريخ لفظهم، وشعب رفضهم.
وختمت الافتتاحية بالتأكيد على أن هذه المحاولات لن تزيد الشعب الجزائري إلا تمسكًا بتاريخه واعتزازًا برموزه، وبالوحدة والتماسك اللذين شكّلا دائمًا مصدر القوة في مواجهة التحديات. ورأت أن هذا التلاحم سيظل الزاد الذي يعين الجزائر على مواصلة مسيرتها بثقة، مستندةً إلى أبعادها التاريخية والجغرافية والثقافية التي تشكل أساس وحدتها وبوصلتها نحو التطور والازدهار والانتصار.**


















