تطرق مقال لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لتعزيز العلاقات الروسية-الإفريقية في مختلف المجالات خلال المؤتمر الوزاري الأول لمنتدى الشراكة الروسية-الإفريقية بالقاهرة. ويستند التوجه الروسي إلى جذور تاريخية، إذ يؤكد لافروف أن الاتحاد السوفييتي دعم حركات التحرر الإفريقية وساهم في إنهاء الاستعمار، كما ساعد في بناء أنظمة التعليم والصحة بالدول الإفريقية الناشئة.
وأشار الوزير إلى أن العلاقات الروسية-الإفريقية شهدت تراجعًا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، لكنها دخلت مرحلة جديدة من التقارب منذ مطلع الألفية، في ظل نهضة إفريقية متجددة وسعي القارة لتعزيز سيادتها الوطنية. وشدد على دعم روسيا جهود الدول الإفريقية لمواجهة ما تصفه بالممارسات الحديثة للاستعمار، مع الالتزام بتوحيد الصوت الإفريقي على الساحة الدولية واحترام حق الدول الإفريقية في اختيار نماذجها التنموية وشركائها الدوليين بشكل مستقل.
وفي المجال الدولي، دعا لافروف إلى مراعاة مصالح إفريقيا ضمن الإصلاحات العالمية، بما يشمل توسيع مشاركة القارة في مجموعة “بريكس”، مع الالتزام بحفظ السلام والأمن والمساهمة في تسوية النزاعات الإقليمية، وتعزيز قدرات الدول الإفريقية في مواجهة الإرهاب والتحديات الأمنية. وتشمل خطة عمل المنتدى للفترة 2023-2026 مجالات التعاون في الأمن والطاقة والتجارة والتعليم والثقافة، بما يتوافق مع “رؤية 2063: إفريقيا التي نريدها” للاتحاد الإفريقي.
وعلى الصعيد الدبلوماسي والاقتصادي، أعلنت موسكو توسيع حضورها في القارة عبر افتتاح سفارات جديدة وخطط لبعثات إضافية، مع تعزيز التعاون التجاري والاستثماري حيث بلغ حجم التبادل التجاري أكثر من 27 مليار دولار، واعتماد آليات سداد بالعملات المحلية، مع التركيز على مشاريع استثمارية تنموية في الطاقة والتعدين والنقل والبنية التحتية والتكنولوجيا الحديثة بما فيها الذكاء الاصطناعي.
وفي المجال الإنساني، أشارت موسكو إلى توريد القمح، ودعم القطاع الزراعي عبر تبادل الخبرات، بالإضافة إلى التعاون في الصحة ومكافحة الأوبئة وإدارة الطوارئ، مع اعتماد المختبرات المحمولة ووسائل كشف الأمراض الروسية. كما يدرس أكثر من 32 ألف طالب إفريقي بالجامعات الروسية، مع أكثر من 5300 منحة دراسية منذ عام 2020، إلى جانب تيسير التنقل لتعزيز التبادل التعليمي والثقافي والسياحي.
واختتم لافروف بالتأكيد على أن روسيا شريك تاريخي موثوق لإفريقيا، مشدداً على تقاطع القيم الثقافية الروسية القائمة على التضامن والعمل الجماعي مع فلسفة “أوبونتو” الإفريقية، معربًا عن ثقته بأن الاجتماع الوزاري في القاهرة سيمنح الشراكة الروسية-الإفريقية زخماً جديداً ويمهد لعقد القمة الثالثة عام 2026.
