الخطاط توفيق عيادي… الخط العربي ذاكرة حضارية ورسالة جمالية لا تنقرض

يُعتبر الخط العربي أحد الفنون التي جمعت بين الجمال والهوية، فهو ليس مجرد كتابة، بل ذاكرة حضارية تُوثّق العلوم وتزين العمارة وتعكس روح اللغة العربية. ويُعدّ الخط العربي من أكثر الفنون قدرة على مقاومة النسيان، كونه تراثًا ماديًا وجماليًا متجذرًا في التاريخ وجب الحفاظ عليه، حيث يشكل الخطاطون الحلقة الأهم في استمراريته وحمايته.

في الجزائر، يشهد هذا الفن عودة قوية مع بروز جيل من الخطاطين الشباب الذين يسعون لتثمين الصنعة الخطية وربطها بالتراث اللامادي والتطور المعاصر. وفي هذا السياق، يطلّ الخطاط والفنان التشكيلي توفيق عيادي على جمهوره من موقع “الصحفي” الإلكتروني، ليتحدث عن تجربته ومسيرته وشغفه بهذا الفن العريق، مؤكّدًا الدور الحيوي للخطاطين في صون هذا التراث ونقله للأجيال القادمة.

من هو توفيق عيادي ؟

توفيق عيادي خطاط مزخرف وفنان تشكيلي جزائري-، خريج مدرسة الفنون الجميلة دفعة جوان 1999، تخصص منمنمات تشمل الزخرفة والخط. أعتبر الخط موهبة بدأت منذ الصغر، وتطورت تدريجيًا من خلال المشاركات في المناسبات المختلفة، والاحتكاك بالمختصين، والدورات التدريبية، خاصة تلك المنظمة من النادي الجزائري للخط العربي والزخرفة، بالإضافة إلى الملتقيات الوطنية والدولية والورشات الفنية.

كما درست وتابعت العمل مع أستاذنا الكبير نبيل نور جاسم الشريف البغدادي نحو ثماني سنوات، في خطي النسخ والثلث، ونلت الإجازة الخطية، وتم تكليفي والإذن بتعليم الخط العربي في مختلف ميادينه. ولا زلت أتابع الدراسة والمشاركة في المسابقات الوطنية والدولية، وقد حصلت على عدد من الجوائز، كان آخرها تصميم طابع بريدي بمناسبة جائزة رئيس الجمهورية للغة العربية في اليوم العالمي للغة العربية.

الصحفي:  متى بدأ شغفك بالخط العربي، وما الذي جذبك إليه؟

ت. ع:  الشغف الحقيقي بالخط العربي بدأ قبل حوالي إحدى عشرة سنة، ما جذبني هو رسالة الخط ذاته، فهو فن ينشر كل ما هو جميل وهادف وكون الخط رسالة نبيلة في لمسة دقيقة، واللقاءات الخطية مصدر تفاعل إيجابي، وبيئة تعليمية وفنية ممتعة.

الصحفي:  إلى أي حد يمكن للخط العربي أن يكون أداة حفظ الذاكرة الحضارية في الجزائر ؟

ت. ع: الخط العربي أداة رئيسية لحفظ الذاكرة الحضارية. فقد دُوّنت العلوم عبر العصور، وزُينت به المساجد والقصور، ولا تزال شواهدها قائمة. المخطوطات والمصاحف الموجودة في متاحف العالم كلها تحكي عن عمق هذا الفن ومكانته في التراث الإنساني.

الصحفي:  كيف ترى مستقبل الخط العربي وما أبرز التحديات؟

ت. ع: مستقبل الخط العربي في الجزائر واعد جدًا، خاصة مع وجود جيل جديد واعد يحمل مشعل هذه الصنعة، التحديات الرئيسية هي الحاجة إلى دعم لوجستي حقيقي، وتوفير آليات تحفّز ممارسي الفن، وتثمّن جهودهم، حتى يتمكنوا من الاستمرار في العطاء، وتطوير مهاراتهم، ونشر فنهم على نطاق أوسع.

الصحفي:  شاركت في ورشة صناعة اللوحة بملتقى وهران للصنعة الخطية المغاربية، كيف تصف هذه التجربة؟

ت. ع: كانت تجربة مميزة للغاية، لأنها أول مشاركة لي بلوحتين في نوعين من الخطوط المغاربية، تنوع الورشات وتفردها كان ملحوظًا، والأهم هو صدق الاهتمام الذي لمسناه في وهران وأهلها، والجهة المنظمة بقيادة السيد المحافظ عبد اللطيف معزوز وجمعية جزائر الخير، ودار الثقافة المحتضنة.

لقد لمسنا حسن الاستقبال، وسلاسة التنظيم، ودفء الصدور الرحبة، فشكرًا لوهران، مدينة الحضارة والثقافة والأصالة، وشكرًا لكل من ساهم في إنجاح الملتقى.

الصحفي:  ما الرسالة التي تودّ توجيهها للشباب الراغب في تعلم الخط العربي اليوم؟

ت. ع: رسالتي للشباب الشغوف بتعلم هذا الفن النبيل: لا تضيعوا الفرصة، ما هو متوفر اليوم من موارد وأساليب لم يكن موجودًا من قبل؛ هناك أساتذة للمتابعة، ومراجع متنوعة، وفضاءات مهيأة للتعلم. فلا تفوتوا فرصة الإبداع والارتقاء، وكونوا جزءًا من صُنّاع مستقبل هذا الفن العريق. الأبواب مفتوحة من دورات تكوينية إلى ورش خاصة، ودروس على مدار العام، فقط تواصلوا معنا وابدأوا رحلتكم.

Exit mobile version