لم تكن سنة 2025 مجرد محطة عابرة في المسار الاقتصادي العالمي، بل شكّلت منعطفًا حقيقيًا أعاد رسم أولويات الدول والأسواق، وفرض منطقًا جديدًا في التعامل مع المال، الطاقة، التكنولوجيا، وحتى الغذاء. فقد تداخل الاقتصادي بالسياسي، والتقني بالاستراتيجي، لتظهر ملامح اقتصاد عالمي أقل استقرارًا وأكثر حساسية للتطورات الجيوسياسية.
أبرز هذه التحولات تمثل في بداية تراجع موجة التشديد النقدي التي طبعت السنوات السابقة، مع توجه عدد من البنوك المركزية الكبرى نحو خفض أسعار الفائدة، في محاولة لإنعاش النمو وتفادي الركود. هذا التحول أعاد الزخم للأسواق المالية، ورفع من جاذبية الذهب والمعادن الثمينة، لكنه في الوقت نفسه زاد من حدة التقلبات وعدم اليقين.
وفي 2025، لم يعد الاقتصاد منفصلًا عن السياسة. فالعقوبات، والحروب، وإعادة تشكيل التحالفات الدولية، كلها عوامل باتت تؤثر مباشرة في سلاسل الإمداد والتجارة العالمية. وقد أدى ذلك إلى تراجع نموذج العولمة التقليدية، مقابل صعود التكتلات الإقليمية والتجارة بين دول الجنوب، خصوصًا في إفريقيا وآسيا.
من جهة أخرى، فرض الذكاء الاصطناعي نفسه كفاعل اقتصادي رئيسي، ليس فقط من حيث الإنتاجية، بل أيضًا من حيث إعادة توزيع فرص العمل والثروة. السباق العالمي على الرقائق، البيانات، والتكنولوجيا المتقدمة كشف عن فجوة متنامية بين الدول المتقدمة وتلك الساعية للحاق بالركب.
أما قطاع الطاقة، فقد عرف في 2025 حالة توازن حذر. فرغم التوسع في الطاقات المتجددة، بقي النفط والغاز عنصرين أساسيين في المعادلة الاقتصادية، خاصة في ظل الأزمات الجيوسياسية وارتفاع الطلب العالمي. وفي السياق ذاته، تصاعدت أهمية المعادن الاستراتيجية والمواد الأولية، باعتبارها موارد حاسمة في الصناعات المستقبلية.
على مستوى الدول النامية، اتجهت السياسات الاقتصادية نحو تعزيز الأمن الغذائي، تنويع مصادر الدخل، وتوطين الصناعات، مع عودة قوية لدور الدولة في توجيه الاقتصاد، بعد سنوات من الاعتماد شبه المطلق على آليات السوق.
يمكن القول إن 2025 كانت سنة انتقالية بامتياز، أنهت مرحلة وفتحت أخرى، حيث لم يعد الاستقرار هو القاعدة، بل التكيف السريع والقدرة على قراءة التحولات. اقتصاد العالم دخل مرحلة جديدة… أقل يقينًا، وأكثر تعقيدًا، لكن أيضًا مليئة بالفرص لمن يعرف كيف يقرأ الاتجاه قبل أن يصبح خبرًا.


















