أثار ظهور النجمة الثمانية في تصميم العملة السورية الجديدة موجة جدل واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها بعض المستخدمين رمزًا “عثمانيًا–تركيًا” ودليلًا على مساس بالهوية الوطنية، فيما ذهب آخرون إلى اتهامات حادة تتحدث عن “بيع البلد” أو “طمس الرموز الوطنية”. غير أن العودة إلى التاريخ تُظهر أن الجدل القائم يتجاوز حقيقة الرمز نفسه.
و تُعرف النجمة الثمانية تاريخيًا باسم النجمة السلجوقية، وهي عنصر زخرفي قديم استُخدم على نطاق واسع في العمارة والفنون الإسلامية، خصوصًا خلال فترة الدولة السلجوقية التي برزت في القرن الحادي عشر الميلادي. ويرجّح باحثون أن الرمز انتقل إلى الشرق الأوسط من آسيا الوسطى، لكنه في الوقت ذاته ليس حكرًا على السلاجقة أو على الشعوب التركية، إذ يظهر بأشكال متعددة في حضارات أقدم، من بلاد الرافدين إلى الفن الساساني والبيزنطي.
رمزيًا، يُفسَّر الشكل الثماني على أنه تمثيل للاتجاهات الأربعة الأساسية والفرعية، بما يحمله من دلالات على الإحاطة والتوازن والنظام، وهي معانٍ فلسفية وزخرفية عامة، لا تشير بالضرورة إلى مضمون سياسي أو عسكري مباشر. ورغم أن السلاجقة لعبوا دورًا سياسيًا ودينيًا مهمًا في دعم الخلافة العباسية السنية ومواجهة النفوذ الفاطمي، فإن لا دليل تاريخيًا موثقًا يثبت أن النجمة الثمانية استُخدمت كشعار مذهبي أو كرمز ديني في هذا الصراع.
أما الربط بين النجمة الثمانية والدولة العثمانية، فيُعد خلطًا تاريخيًا شائعًا. فالعثمانيون لم يعتمدوا هذا الرمز شعارًا رسميًا للدولة، بل استخدموه، مثل غيره من العناصر الزخرفية، في العمارة والفنون، بينما ارتبط علمهم ورمزهم السيادي بالهلال والنجمة الخماسية. كذلك، فإن النجمة الثمانية ليست شعارًا رسميًا لتركيا الحديثة، رغم حضورها في بعض التصاميم والزخارف والمؤسسات الثقافية.
الجدل السوري حول الرمز لا ينفصل عن السياق السياسي العام وحساسية الهوية الوطنية في ظل الأزمات المتراكمة. ففي مناخ مشحون، تتحول الرموز البصرية إلى رسائل سياسية مفترضة، ويُقرأ التصميم الفني باعتباره موقفًا أو انحيازًا، حتى وإن لم يكن كذلك.


















