في 21 ديسمبر، سجّلت مقاطعة هوتوبي في منطقة شينجيانغ خطوة جديدة في مسار تحديث قطاع الطاقة، مع بدء التشغيل الرسمي لأول ممر لنقل الفحم يعتمد على تقنية الفحص الذكي المدعوم بالذكاء الاصطناعي. المشروع لا يلفت الانتباه بحجمه فقط، بل بطبيعة التحوّل الذي يعكسه في طريقة إدارة الصناعات الثقيلة، حيث لم يعد الابتكار حكرًا على وادي السيليكون، بل أصبح يسير فوق الجبال.
يمتد خط النقل الجديد على مسافة 34.5 كيلومترًا عبر تضاريس شديدة التعقيد، عابرة للأنهار، الجبال، والطرق السريعة، ليُصنَّف كـالأطول في شينجيانغ من نوعه، والأكثر تفاوتًا في الارتفاع. هذه الجغرافيا الوعرة فرضت حلولًا هندسية متقدمة، ورفعت حجم الاستثمار إلى نحو 700 مليون يوان، في رهان واضح على التكنولوجيا كبديل عن الحلول التقليدية المكلفة بيئيًا واقتصاديًا.
يعتمد المشروع على نظام سيور ناقلة مغلقة بالكامل، ما يحدّ من تطاير الغبار ويقلل الضجيج، لكنه يتميّز أساسًا بإدماج أنظمة فحص ذكية قائمة على الذكاء الاصطناعي. هذه الأنظمة تراقب عملية النقل بشكل متواصل، وتقوم بتحليل البيانات في الزمن الحقيقي لاكتشاف الأعطال المحتملة، التآكل، أو أي خلل تقني قبل وقوعه، ما يرفع من كفاءة التشغيل ويقلص فترات التوقف غير المخطط لها.
من حيث القدرة، يصل الخط إلى طاقة نقل سنوية تُقدَّر بنحو 7 ملايين طن من الفحم، وهو رقم يعكس وزنه في منظومة الإمداد الطاقوي المحلية. غير أن الأهمية الحقيقية تكمن في نموذج النقل الذي يقدّمه المشروع، حيث يتم نقل الفحم دون شاحنات ودون ازدحام مروري، في مشهد يختصره القائمون عليه بعبارة: “يُنقل الفحم عبر الهواء دون أن يُرى”.
بيئيًا، يُنتظر أن يساهم هذا الممر في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 40 ألف طن سنويًا، مقارنة بوسائل النقل التقليدية المعتمدة على الشاحنات. كما يقلل من الضغط على شبكات الطرق، ويحسّن مستوى السلامة في المناطق الجبلية، ويحدّ من التلوث المحلي المرتبط بالغبار والانبعاثات.
ورغم ارتباطه بالفحم، وهو مصدر طاقة تقليدي، إلا أن المشروع يعكس توجّهًا أوسع في السياسة الصناعية الصينية، يقوم على تحديث القطاعات الثقيلة عبر الذكاء الاصطناعي بدل الاكتفاء برقمنة الخدمات أو الصناعات الخفيفة. فالفكرة لم تعد في استبدال الموارد، بل في إدارة استغلالها بذكاء أكبر، وبكلفة بيئية أقل.
