خلال اجتماع نظمته منذ عدة ايام، المفوضية الاوربية في بروكسل، تم مناقشة ما اطلق عليه “الاستراتجية المستقبلية للاتحاد الاوروبي من اجل ضمان استقلالية في توفير المواد الاولية الخام”
جزء هام من النقاشات الاوربية تطرق لوضع حلول تضمن توفير المواد الخام بالحجم الكافي والمتواصل وذلك من اجل تحقيق استقلالية “اوروبية”.
المواد الخام، او ما اصبح يطلق عليه “الاتربة النادرة”, (كالليثوم، الكوبالت، اليوارنيوم،…), هذه المعادن تحولت اليوم لمحرك عجلة الصناعة العالمية.
وقد اصبحت اوروبا اليوم تستورد 80 بالمئة من هذه “الاتربة النادرة” من الصين، وهذا ما دفع الخبراء الى البحث عن حلول بديلة لفك هذا الارتباط الاوروبي-الصيني.
و قد تلخصت قائمة الحلول الاوربية لايجاد بديل للصين ، في ثلاث توصيات مقترحة :
- إعادة بعث الأبحاث الجيولوجية في أوروبا بغرض البحث على هذه المواد الأولية
- اقتناء تلك المواد الخام من كندا و التي تعتبر هي الأخرى رائدة في هذا المجال.
- رسكلة بقايا المواد المصنعة وتكثيف البحوث خارج النطاق الأوروبي مع مراعات جانب حقوق العمال والمحافظة على التنوع البيئ”
وجاء الاقتراح الثالث ليكشف استدارة اوروبية في البحث عن مصدر “خارجي” يكون بديلا للصين.
ودون اللجوء، الى تخمينات معقدة ، فالمقصود هنا بالمصدر “الخارجي” هو القارة الافريقية والتي تمتلك احد اكبر المخزونات من “الاتربة النادرة” في العالم.
وقد كنا في مقال سابق قد اشرنا الى ان زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون الأخيرة إلى بعض الدول الأفريقية،والتي حملت شعار “قمة الغابة الواحدة” ، كانت في حقيقة الامر تحمل نظرة اوروبا الجديدة من أجل نهب الثروات الخام الافريقية.
تغير الشعار والمشروع واحد
الي جانب هذه الترواث الخام التي يزخر بها باطن القارة الافريقية، ظهرت هناك ثروة اخرى اصبحت تسيل لعاب القارة العجوز.
“المادة الرمادية”, والمتمثلة في جيوش من العقول والكفاءات البشرية و المختصين في شتى المجالات كالجيولوجيا .
وقد دفع التصحر البشري الذي يعيشه الاتحاد الأوروبي من ناحية الكفاءات والإطارات الرائدة، إلى سن قوانين من شأنها التشجيع على هجرة الكفاءات إلى هذا الاتحاد الازرق.
وقد ظهر ذلك جليا من خلال قانون فرنسي “للهجرةالنوعية”، والذي تم سنه مؤخرا، حيث تم الاعلان من خلاله على منح تسهيلات وتحفيزات لاصحاب الكفاءات النوعية من اجل الانتقال الى فرنسا .
تحديات القارة الافريقية في مواجهة النهب المزدوج
القارة الافريقية امام تحد وجودي مزدوج الواجهة، ومن اجل وقف ذلك التمدد وجب :
من جهة وضع “العامل البشري” في صلب استراتجية شاملة للتنمية المحلية والمستدامة.
ومن جهة اخرى يجب العمل على أبطال مفعول فزاعة المحافظة على البيئة (من خلال COP ما لا نهاية) من والتي اصبحت اليوم تمويها تستعمله بعض الدول من اجل تكبيل ايدي افريقيا .
فالاتحاد الاوروبي والذي دخل مرحلة الانحدار، يريد خلق ملاذ أمن له من خلال ربط مصيره بمصير القارة الافريقية .