يكشف تقرير أسترالي عن كيفية اعتماد الجماعات الإرهابية في الساحل الإفريقي على الجريمة المنظمة لتمويل نشاطها، من التعدين غير القانوني إلى الاختطاف وسرقة المواشي، مما يعقد جهود مكافحة الإرهاب في المنطقة.
The Conversation، الموقع الإعلامي غير الربحي الأسترالي الذي تأسس عام 2011 ويختص بنشر مقالات وتحليلات، تطرق في تقرير حديث عن خبايا جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” في الساحل الإفريقي، مسلطًا الضوء على مصادر تمويلها، استراتيجيات توسيع نفوذها، والتحديات الأمنية التي تواجهها.
وقال التقرير أن مناطق غرب إفريقيا والساحل تشهد انتشارًا متزايدًا للجماعات الإسلامية المسلحة منذ تسعينيات القرن الماضي، وجماعة “نصرة الإسلام والمسلمين،والتي هي فرع لتنظيم القاعدة، وفق تصنيف الأمم المتحدة لعام 2018. وفي مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2024، تم تصنيف هذه الجماعة كواحدة من أخطر المنظمات الإرهابية عالميًا.
التقرير الاسترالي أعتبر ان توسع الجماعة في منطقة الساحل كان نتيجة مزيج من العنف والدبلوماسية، إذ تسيطر على مناطق واسعة في الساحل من خلال فرض سيطرتها على السكان المحليين عبر إغلاق المدارس، إقامة نقاط تفتيش لجباية الضرائب، واختطاف المدنيين. ورغم الحملات العسكرية المتواصلة ضدها، استطاعت الجماعة إعادة تنظيم نفسها والتكيف مع المتغيرات الأمنية، كما ظهر ذلك جليًا في عملياتها الأخيرة في بوركينا فاسو.
الاقتصاد غير المشروع… أساس تمويل الجماعة
يكشف التقرير أن الاقتصاديات غير المشروعة أو الجريمة المنظمة تشكل العمود الفقري لتمويل الجماعة ونفوذها، حيث تعتمد على مصادر عدة منها:
-
التعدين الحرفي للذهب: تسيطر الجماعة على مناطق تعدين غير قانونية تولد أكثر من 30 مليار دولار سنويًا. يتم تهريب الذهب عبر الإمارات وتركيا وسويسرا، وتبلغ الكميات المنتجة في مناطق سيطرتها نحو 725 كيلوغرامًا سنويًا بقيمة 34 مليون دولار.
-
الاختطاف مقابل الفدية: تعتبر هذه الممارسة مصدرًا رئيسيًا للدخل، إذ سجلت الجماعة بين 2017 و2023 نحو 845 حالة اختطاف في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، مع حصيلة فدية بلغت 30 مليون جنيه إسترليني عام 2020 لإطلاق رهائن أوروبيين.
-
سرقة المواشي: تستخدم الجماعة هذه الممارسة كسلاح اقتصادي ووسيلة لفرض أيديولوجيتها، ثم تُباع المواشي في أسواق مالي وموريتانيا والسنغال.
-
تبييض الأموال: تُدار الأموال غير الشرعية عبر إقراض التجار، والاستثمار في البنوك والمتاجر الصغيرة، ما يضمن تدفقًا مستمرًا للتمويل ويعزز قدراتها على تنفيذ هجمات مدمرة.
استراتيجية مواجهة الجماعة
يخلص التقرير إلى أن تفكيك شبكات التمويل غير الشرعي ضرورة قصوى لمواجهة جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين”. وينصح باتباع عدة خطوات منها:
-
تنسيق جهود قوات الأمن الحكومية مع الميليشيات المحلية للسيطرة على أنشطة التعدين وإحباط عمليات الاختطاف.
-
تعزيز وحدات الاستخبارات لكشف ومعاقبة التجار والممولين غير المشروعين.
-
إنشاء محاكم متخصصة في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب في بوركينا فاسو ومالي.
-
تحسين الحماية الأمنية للمدنيين لتقليل الخسائر البشرية جراء الهجمات الإرهابية.
-
تعزيز التعاون الأمني الإقليمي لتعقب التدفقات المالية ووقفها بشكل فعال.
يبقى التمويل هو العمود الفقري لنجاح الجماعة في تثبيت نفوذها وامتدادها، لذا فإن استهداف هذا الجانب يمثل الخطوة الأهم على طريق تقويض قدرتها على الاستمرار.