اعتبر تقرير لموقع ” The Telegraph” البريطاني, ان معسكر “ماغا” “MAGA” الجمهوري الموالي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب يشهد انقسامًا لافتًا بشأن الموقف من الضربات الإسرائيلية الأخيرة ضد إيران، وإمكانية انخراط الولايات المتحدة عسكريًا في هذا التصعيد. وقد برزت ملامح هذا الشرخ الداخلي بعد انتقادات لاذعة أطلقها الإعلامي تاكر كارلسون، أحد أبرز الأصوات المحافظة وأقرب حلفاء ترامب سابقًا، حين وصفه بـ”المتواطئ” في الهجمات على إيران، مما أثار ردًّا حادًا من ترامب الذي وصفه بـ”الغريب الأطوار” عبر منصته “تروث سوشيال”، ودعاه إلى إنشاء قناة تلفزيونية ليتمكن أحد من الاستماع إليه.
واشار مقال “تلغراف” أن هذا التصعيد السياسي لمعسكر “ماغا” “MAGA” تزامن مع تحركات أمريكية عسكرية لافتة. فقد غادر ترامب قمة مجموعة السبع في كندا بشكل مفاجئ وتوجّه إلى واشنطن لعقد اجتماع في غرفة العمليات بالبيت الأبيض مع قادة الدفاع. وفي الأثناء، أمر وزير الدفاع بنشر طائرات حربية وحاملة طائرات في الشرق الأوسط، في ما وُصف بأنه “تحرك دفاعي”. إلا أن هذه الخطوات أعادت إلى الأذهان ذكريات حروب العراق وأفغانستان، وأثارت قلق التيار الانعزالي داخل القاعدة الجمهورية.
و قال الموقع البريطاني, ان هذا الانقسام يُظهر التوتر بين جناحين داخل “ماجا”: الأول يرى ضرورة دعم إسرائيل عسكريًا لاحتواء التهديد النووي الإيراني، والثاني يرفض الانجرار إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط، معتبرًا ذلك خيانة لمبدأ “أمريكا أولاً”. كارلسون حذر من أن الحرب مع إيران لا تصبّ في مصلحة الولايات المتحدة، ودعا ترامب إلى سحب دعمه لتل أبيب. لكن هذه الدعوة قوبلت برفض شديد من شخصيات نافذة في معسكر ترامب، بينهم المؤثرة لورا لومر التي اتهمته بعدم الولاء، فيما وصف المذيع اليميني مارك ليفين دعوة كارلسون بـ”الاسترضاء” واعتبر أن أصحابها “ليسوا من ماجا”.
فيما اشار كاتب المقال الى أن ، استطلاعات رأي أجراها تشارلي كيرك، أحد أبرز مؤيدي ترامب، أظهرت أن غالبية واسعة من القاعدة الشعبية ترفض التدخل العسكري الأمريكي في الحرب. وأعلن النائب الجمهوري توماس ماسي أنه سيقدم قرارًا يُلزم الكونغرس بالموافقة على أي خطوة عسكرية يخطط لها ترامب في المنطقة، ما يعكس مخاوف متزايدة من انزلاق محتمل نحو صراع إقليمي.
مضيفا أن المفارقة أن التقديرات الاستخباراتية الأمريكية الحديثة، التي قدمتها مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، تؤكد أن إيران لا تطوّر حاليًا سلاحًا نوويًا، وأنها تبعد نحو ثلاث سنوات عن امتلاك قنبلة ذرية. ومع ذلك، أعرب ترامب عن تشكيكه في هذه التقديرات، وأكد أن طهران “كانت قريبة جدًا من امتلاك القنبلة”، مستندًا إلى معلومات استخباراتية إسرائيلية تم تبادلها مع الولايات المتحدة.
و اشار المقال انه في خضم هذا التباين، يحاول ترامب الحفاظ على توازن دقيق: دعم إسرائيل دون دفع الولايات المتحدة إلى مواجهة مباشرة. ويعتبر بعض الاستراتيجيين الجمهوريين أن أفضل سيناريو يتمثل في تغيير النظام الإيراني دون تدخل أمريكي مباشر. وبالنسبة لبعض الأصوات داخل “ماجا”، فإن هذا النهج يمثل بالفعل تجسيدًا لشعار “أمريكا أولاً”، وهو ما عبّر عنه تشارلي كيرك عندما وصف اللحظة الراهنة بأنها “اللحظة التي انتُخب من أجلها الرئيس ترامب”.
كاشفا انه في محاولة لاحتواء الانقسام داخل قاعدته، أكد السيناتور جي.دي. فانس أن الرئيس لا يفكر باستخدام القوة العسكرية إلا إذا كان ذلك في خدمة مصالح الشعب الأمريكي، مضيفًا أنه “اكتسب الثقة في هذا الملف”، وأن تركيزه ينصبّ فقط على حماية الولايات المتحدة ومصالحها. ومع استمرار تبادل الضربات بين إسرائيل وإيران، يبقى مستقبل الدور الأمريكي رهين حسابات دقيقة داخل البيت الجمهوري، حيث لا تزال معادلة “أمريكا أولاً” محل تأويل متناقض.
للاشارة معسكر “MAGA” هو الاسم الذي يُطلق على القاعدة السياسية والشعبية الموالية للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ويُشتق من شعار حملته الشهير “Make America Great Again” (لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا). يعبّر هذا المعسكر عن تيار شعبوي قومي داخل الحزب الجمهوري، يتبنى مواقف متشددة في قضايا الهجرة والسيادة الوطنية، ويرفض التدخلات العسكرية الخارجية المكلفة، مُفضلًا سياسة “أمريكا أولاً”. كما يتميز هذا التيار بنزعة معادية للنخب السياسية التقليدية ووسائل الإعلام الكبرى، ويميل إلى دعم سياسات حمائية في الاقتصاد. يُنظر إلى “MAGA” كحركة سياسية واجتماعية أثرت بعمق في الحياة السياسية الأمريكية، وتسببت في انقسامات حادة داخل الحزب الجمهوري نفسه، خاصة في ظل القضايا التي تمس السياسة الخارجية مثل التدخل في الشرق الأوسط.