في خطوة تعكس انفراجة نسبية في العلاقات التجارية بين واشنطن وبكين، قررت الولايات المتحدة رفع القيود المفروضة على تصدير برامج تصميم الرقائق الإلكترونية (EDA) وكذلك تخفيف الضوابط على تصدير غاز الإيثان إلى الصين. هذه الخطوة تأتي بعد أشهر من التوترات التجارية المتصاعدة، والتي شملت تبادل القيود والعقوبات التقنية بين الطرفين.
بحسب تقارير صحفية أميركية، من بينها وكالة رويترز، فإن القرار يشمل السماح لشركات كبرى مثل Cadence وSynopsys وSiemens EDA باستئناف تعاملاتها مع الجهات الصينية، خصوصًا في ما يتعلق ببرمجيات متقدمة تُستخدم في تصميم أشباه الموصلات. وتعد هذه الأدوات ضرورية لتطوير الرقائق الإلكترونية الحديثة، ما يعطي الشركات الصينية متنفسًا في ظل السباق العالمي على تقنيات الذكاء الاصطناعي والتصنيع الذكي.
أما على صعيد الطاقة، فقد شمل القرار أيضًا رفع قيود التصدير على غاز الإيثان، وهو منتج حيوي في الصناعات البتروكيميائية. وكانت هذه المادة قد خضعت سابقًا لضوابط صارمة ضمن حزمة القيود التي فرضتها إدارة ترامب، كرد فعل على قرارات صينية اعتُبرت معرقلة لتجارة المعادن النادرة.
وترى بعض التحليلات أن هذا التخفيف الأمريكي في السياسات التجارية يهدف إلى تحقيق توازن دقيق بين حماية المصالح الاستراتيجية الأميركية، والحفاظ على استقرار سلاسل الإمداد العالمية التي تضررت بشدة خلال السنوات الأخيرة.
و تُعدّ برامج تصميم الرقائق الإلكترونية، المعروفة اختصارًا بـ EDA (Electronic Design Automation)، من أهم الأدوات التي تقوم عليها صناعة أشباه الموصلات الحديثة. تُستخدم هذه البرمجيات لتصميم وتحليل الدوائر المتكاملة (Integrated Circuits)، التي تُشكّل البنية التحتية الأساسية لكل الأجهزة الإلكترونية، من الهواتف الذكية والمعالجات الحاسوبية، إلى الأنظمة المدمجة في الطائرات والسيارات. وتُتيح هذه الأدوات للمهندسين بناء نماذج من المعالجات والرقائق الإلكترونية الرقمية والمحاكاة الدقيقة لأدائها، بما يشمل توزيع الطاقة، واستهلاكها، وسرعة المعالجة، ومستوى الإشعاع الحراري. كما تُمكّن برامج EDA من التحقق التلقائي من خلو التصميم من العيوب أو التضاربات، مما يُجنّب خسائر مالية فادحة قد تحدث في حال اكتشاف الأخطاء بعد الشروع في عملية التصنيع.
تتحكم حفنة من الشركات الأمريكية والأوروبية في سوق هذه البرمجيات، أبرزها شركات Synopsys وCadence وSiemens EDA، ما يجعل هذه التكنولوجيا محورية في النزاعات التجارية والجيوسياسية، لا سيما بين الولايات المتحدة والصين. فمع تطور الصناعات العسكرية والذكاء الاصطناعي، أصبحت أدوات EDA تُصنَّف ضمن التقنيات الحساسة التي يمكن أن تُستخدم لأغراض مزدوجة، مدنية وعسكرية. ولهذا السبب، تفرض واشنطن رقابة صارمة على تصديرها، ما جعل أي تخفيف في هذه القيود – كما حدث مؤخرًا تجاه الصين – يُفسَّر كتحول تكتيكي في السياسة التكنولوجية الأمريكية، بهدف الحفاظ على التوازن بين حماية الأمن القومي وضمان استمرار النفوذ الاقتصادي العالمي.
المصدر: رويترز + الصحفي