شهد محيط المتحف المصري الكبير بالجيزة نصب تمثال ميداني ضخم يُعدّ أيقونة المتحف وواجهته البصرية، إذ بدا للوهلة الأولى وكأنه امتداد لتماثيل الفراعنة الكلاسيكية، لكنه في الحقيقة عمل معاصر بروح تجريدية، صممه ونفذه النحات المصري الدكتور ضياء عوض، أستاذ النحت بكلية الفنون الجميلة – جامعة المنيا.
التمثال، الذي يقف شامخاً عند بوابات طريق مصر–الإسكندرية الصحراوي المؤدية إلى المتحف، يبلغ ارتفاعه نحو 27 متراً (منها قرابة 23 متراً لجسم التمثال وأربعة أمتار لقاعدته)، وصُنع بالكامل من الحديد والصلب المحلي. العمل يستلهم تصميمه من الوحدات الهندسية التي تزين واجهة المتحف، ومن شكل الأهرامات الثلاثة، ليخرج منها وجه فرعوني بغطاء الرأس التقليدي (النِّمس) تتوسطه الكوبرا الملكية والذقن المستعار، من دون أن يحاكي ملكاً بعينه.
النحات ضياء عوض أوضح أن التمثال ليس إعادة إنتاج لرموز فرعونية بعينها، بل «توليفة بصرية حديثة» تعكس روح المتحف الجديد الذي يمزج بين الأصالة والحداثة. وقد أشار إلى أن الفكرة تطلبت وقتاً للتخطيط قبل أن يبدأ التنفيذ الفعلي الذي استغرق ثمانية أشهر بمشاركة فريق كبير من الفنانين والعمال.
العمل لم يمر مرور الكرام، إذ أثار موجة من النقاشات بين من اعتبره «إضافة معاصرة جريئة» تليق بصرح عالمي مثل المتحف المصري الكبير، ومن رآه خروجاً عن روح الكلاسيكية المعتادة في التماثيل الفرعونية. عوض ردّ على الجدل قائلاً إن «النقاش دليل على حيوية العمل الفني»، مؤكداً أن الهدف كان ابتكار لغة بصرية جديدة تحاور التراث ولا تستنسخه.
إلى جانب حجمه اللافت الذي يجعله واحداً من أطول التماثيل الميدانية في مصر، يكتسب التمثال رمزية إضافية بكونه يقف كـ«بوابة» بصرية للمتحف قبل الافتتاح الرسمي، في وقت تسعى فيه القاهرة إلى تعزيز صورتها الثقافية والسياحية عالمياً.
هذا المزج بين المعاصرة والرمزية التاريخية يعكس توجهاً فنياً جديداً في مصر، حيث يُعاد استثمار الإرث الفرعوني ضمن قوالب حديثة، لتقديم صورة بصرية تُحاور الحاضر بقدر ما تستحضر الماضي.



















