منذ استقلال الجزائر عام 1962، شكّل ملف الأمية أحد أبرز التحديات التي ورثتها الدولة عن الاستعمار الفرنسي. ففي تلك الفترة، كانت نسبة الأمية تتجاوز 85% من السكان، حيث لم يكن التعليم متاحًا سوى لقلة محدودة.
و مع بداية بناء الدولة الوطنية، وُضع التعليم في صدارة الأولويات. أطلقت الجزائر برامج لمحو الأمية بالتوازي مع تعميم التعليم الإلزامي للأطفال، ما ساهم في خفض نسب الأمية بشكل تدريجي. وبفضل جهود متواصلة على مدار العقود الماضية، أصبحت نسبة التمدرس قريبة من 100% بين الأطفال، وهو ما يمهد للقضاء التام على الأمية مستقبلاً.
و انشات الدولة الجزائرية سنة 2008، “الديوان الوطني لمحو الأمية” وتعليم الكبار، الذي عمل بالتعاون مع الجمعيات المدنية والزوايا والمدارس القرآنية على إدماج مئات الآلاف من الكبار في أقسام خاصة للتعلم. وقد ركزت هذه البرامج على النساء في المناطق الريفية، حيث كانت الأمية أكثر انتشارًا.
وفق إحصائيات رسمية صادرة عن وزارة التربية وديوان محو الأمية، بلغت نسبة الأمية في الجزائر حوالي 7 إلى 8% سنة 2023، أي ما يعادل نحو مليوني شخص، معظمهم من الفئة العمرية فوق 50 سنة. وتشير منظمة اليونسكو إلى أن الجزائر حققت “تقدماً كبيراً” في محاربة الأمية، لتصبح من بين الدول العربية والإفريقية الرائدة في هذا المجال.
و رغم هذا التقدم، يبقى القضاء النهائي على الأمية رهينًا بعدة عوامل:
- صعوبة استقطاب كبار السن إلى برامج محو الأمية.
- ضعف الموارد البشرية والتكنولوجية الموجهة لهذا القطاع.
- الحاجة إلى ربط محو الأمية ببرامج التكوين المهني والاندماج الاجتماعي.
الجزائر لم تُعلن بعد القضاء التام على الأمية، لكنها قطعت أشواطًا كبيرة جعلتها على مشارف تحقيق هذا الهدف. من الأمية الشاملة التي تجاوزت 85% سنة الاستقلال، إلى أقل من 8% اليوم، يظهر أن الاستثمار في التعليم كان ولا يزال الركيزة الأساسية في بناء الدولة الجزائرية الحديثة.



















