في تجربة غير مسبوقة، نظمت صحيفة “نوفيل أوبسرفتوار” مسابقة أدبية جمعت بين الكاتب الفرنسي هيرفي لوتيلي، الحائز على جائزة الغونكور لعام 2020، وبين مساعد الذكاء الاصطناعي “كلود”. كان التحدي يتلخص في تأليف قصة بوليسية قصيرة تبدأ بجملة محددة وتنتهي بجملة أخرى، بحدود ثلاثة آلاف حرف. المفاجأة الكبرى تمثلت في أن نص “كلود” تفوق على نص الكاتب الشهير، حيث أبدع في تقديم أسلوب قوي، عمق موضوعي، وتأثير عاطفي ملفت، ليكون مصدر دهشة للجميع.
هيرفي لوتيلي عبّر عن ذهوله وإعجابه بالنتيجة، مؤكداً أن هذه التجربة تفتح أفقًا جديدًا للمنافسة الأدبية، حيث يمكن للتكنولوجيا أن ترفع مستوى الكتابة وتضيف أبعادًا جديدة. إلا أنه في الوقت نفسه أبدى قلقه من المستقبل، متسائلًا عن تأثير الذكاء الاصطناعي على الإبداع الإنساني، خاصة في ظل التطور السريع للتقنيات الحديثة.
وفي حديثه لـ “المجلة”، أوضح بونوا رافاييل، الخبير الذي أشرف على تدريب “كلود”، أن عملية التدريب لم تقتصر فقط على تغذية النظام النصوص الأدبية، بل تضمنت محادثات مكثفة لتطوير قدرة الذكاء الاصطناعي على فهم العمق العاطفي والعقلي للأدب، مما جعله قادرًا على خلق محتوى فريد. هذا الأمر أعاد طرح تساؤلات فلسفية عميقة حول مفهوم الإبداع والأصالة: هل يمكن للآلة أن تكون مبدعة بحق؟
رغم التفوق التقني، شدد المراقبون على أن الذكاء الاصطناعي يظل عاجزًا عن تقديم العنصر البشري الحقيقي: العاطفة والوعي الذاتي. فقد أشار العديد منهم إلى أن الأدب يظل فنًا يتطلب التفاعل الإنساني المباشر مع مشاعر الناس ومعاناة الحياة. إذ يبقى الإبداع البشري متميزًا بقدرته على استشعار المعاناة، الفرح، الألم، والتجربة الإنسانية.
لكن بالرغم من هذا، بدأت بعض الأصوات في تشجيع “الأدب التركيبي”، وهو نموذج أدبي يتعاون فيه الإنسان مع الذكاء الاصطناعي لإنتاج أشكال جديدة من الكتابة. هذا النموذج يفتح المجال لابتكار أشكال أدبية لم تكن لتخطر على بال أحد، مما يتيح توسيع حدود الخيال الأدبي وإعادة تعريفه. هل يمكن للإنسان والآلة أن يتحدوا لإبداع أشكال أدبية لا مثيل لها؟