يؤكد تقرير صادر أمس الإثنين عن “تصنيف مرحلة الأمن الغذائي المتكامل” (IPC) أن “إسرائيل” تستخدم التجويع كسلاح بشكل متعمّد كأداة مركزية ومنهجية ضمن جريمتها الأوسع المتمثلة في الإبادة الجماعية، والتي حصدت بالفعل أرواح عشرات الآلاف من المدنيين. ويحذر التقرير من أن جميع سكان قطاع غزة يواجهون خطر المجاعة الوشيكة بسبب الحصار الإسرائيلي الخانق والمستمر.
وبحسب التقرير، فإن “حرب التجويع” التي يشنّها الاحتلال العبري تقتل الآلاف ببطء، لا سيما من الأطفال وكبار السن. هذه المأساة اليومية تغيب إلى حدّ كبير عن تغطية وسائل الإعلام السائدة، ما يؤدي إلى غياب التوثيق الكافي لحجمها الحقيقي.
وقد صدر التقرير عن ائتلاف يضم وكالات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات دولية، ويتوقّع أنه ما بين مايو وسبتمبر 2025، سيواجه نحو 470,000 شخص في قطاع غزة جوعًا كارثيًا (المرحلة الخامسة من تصنيف IPC)وهي أعلى درجة في السلم ما يمثل زيادة بأكثر من 250% مقارنة بالتقديرات السابقة. كما يحذر من أن سكان القطاع كافة يعانون من مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
ويسلط التقرير الضوء على أن حوالي 71,000 طفل وأكثر من 17,000 امرأة حامل أو مرضعة سيحتاجون إلى علاج عاجل من سوء التغذية الحاد خلال الأحد عشر شهرًا المقبلة، مع توقّع أن تتجاوز أكثر من 14,000 من هذه الحالات مستويات الخطر. وكانت الوكالات الإنسانية قد قدّرت في وقت سابق من عام 2025 أن 60,000 طفل سيحتاجون إلى تدخلات غذائية تنقذ حياتهم.
وقد فرضت إسرائيل حصارًا كاملاً على قطاع غزة منذ 2 مارس 2025، ومنعت تمامًا دخول الغذاء والمساعدات الطبية. كما منعت القوات الإسرائيلية المزارعين الفلسطينيين من الوصول إلى معظم أراضيهم الزراعية المتبقية، واستهدفت الصيادين بالرصاص الحي، ما أعاق جهود تأمين الغذاء من خلال الصيد.
ويؤكد التقرير أن الهجوم العسكري المستمر، إلى جانب الحصار والنقص الحاد في الإمدادات الأساسية، سيدفع الأوضاع إلى ما بعد عتبة المجاعة في غضون الأشهر الخمسة المقبلة، مع توقّع ارتفاع حاد في الجوع وسوء التغذية والوفيات.
وتُظهر هذه المعطيات تدهورًا دراماتيكيًا مقارنةً بالتحليل الصادر في أكتوبر 2024، مؤكدةً أن الإبادة الجماعية المستمرة والحصار يُغذيان واحدة من أسوأ أزمات الغذاء والتغذية في العالم وسط معاناة بشرية غير مسبوقة.
ويُعرّف “المجاعة” كمصطلح تقني عندما تتحقق ثلاثة معايير رئيسية في منطقة جغرافية محددة:
أن يواجه ما لا يقل عن 20% من السكان مستويات قصوى من الجوع.
أن يعاني 30% من الأطفال من سوء تغذية حاد (الهزال بحسب الوزن والطول).
أن يتضاعف معدل الوفيات، بواقع وفاة واحدة لكل 10,000 من البالغين يوميًا، ووفاتين لكل 10,000 من الأطفال يوميًا.
وقد تم توثيق وفاة أربعة عشر فلسطينيًا مسنًا في قطاع غزة بين 4 و10 مايو 2025، نتيجة مضاعفات ناجمة عن سوء التغذية وغياب الرعاية الطبية الأساسية—وهي نتائج مباشرة للحصار الإسرائيلي المستمر.
للاشارة مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، هي أداة حيوية لتحليل الأمن الغذائي واستخدام المعايير الدولية لتحديد مستوى انعدام الأمن الغذائي في المناطق المختلفة. هذه المبادرة، التي تأسست في 2004، تُستخدم من قبل منظمة الأغذية والزراعة (FAO) وعدد من المنظمات الإنسانية الدولية، وذلك لتقديم تقييم موحد وموثوق لحالات الأمن الغذائي في مناطق الأزمات.
المصدر: euromedmonitor