الجزائر تحت نيران الإعلام الإسرائيلي بسبب دعمها لفلسطين

في مقال نُشر على موقع Israel National News، هاجم كهذا الموقع الصهيوني المتطرف مشروع القرار الذي تقدمت به الجزائر إلى مجلس الأمن، والذي من المقرر التصويت عليه يوم الأربعاء 28 ماي المقبل. المقال، الذي جاء بعد ساعات فقط من مقتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن، عبّر عن استياء واضح من الخطوة الجزائرية، واعتبرها انحيازًا ضد الكيان العبري “إسرائيل” في وقت “لا يزال فيه دم ممثليها على الأرصفة”، وفق تعبيره.

الموقع العبري اعتبر أن مشروع القرار الجزائري، الذي يدعو إلى رفع القيود عن المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، والإفراج عن الأسرى، والانسحاب الكامل من القطاع، يتجاهل الإشارة إلى حركة حماس أو هجمات 7 أكتوبر 2023. ووصف السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، القرار بأنه “عار أخلاقي”، متهمًا مجلس الأمن بـ”التحول إلى أداة بيد من يمارسون الإرهاب”، على حد وصفه.

إلا أن القراءة المتأنية للمقال تكشف عن بعد آخر، يتجاوز محتوى مشروع القرار نفسه. فالهجوم الإعلامي لا يُفهم فقط كرفض لمضمون النص الأممي، بل أيضًا كمحاولة للتشويش على دور الجزائر الدبلوماسي، الذي حافظ على ثباته منذ عقود في دعم القضية الفلسطينية ضمن الشرعية الدولية. الجزائر، التي تتحرك ضمن منطق دعم القرارات الأممية والضغط لتطبيقها، وجدت نفسها في مرمى انتقاد خطاب إعلامي يربط أي مطالبة بإنهاء الحصار أو الدفاع عن المدنيين بتهمة “دعم الإرهاب”.

المقال لا يقدّم حججًا قانونية مضادة لمشروع القرار، ولا يطرح بدائل إنسانية للوضع في غزة، بل يكتفي بإبراز البعد الانفعالي، مركّزًا على توقيت المبادرة الجزائرية وربطها بحادث الهجوم في واشنطن، دون إشارة إلى دوافع الجزائر أو خلفيات مشروع القرار.

تشير المعطيات الواردة في المقال إلى أن بعض المنابر الإعلامية الإسرائيلية باتت تعتبر المواقف الدبلوماسية المتسقة مع حقوق الفلسطينيين ضربًا من العداء، وتتعامل مع الحراك الدبلوماسي العربي بعين الشك، لا بوصفه سلوكًا دوليًا مشروعًا. وهذا يعكس، في جانب منه، تزايد الحساسية تجاه أي تحرك يُظهر عزلة إسرائيلية متنامية في المحافل الدولية.

ويأتي هذا الموقف الجزائري في سياقٍ تتصاعد فيه التحذيرات الدولية من طبيعة العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي أسفر، منذ السابع من أكتوبر 2023، عن مقتل أكثر من 53,486 شخصًا وإصابة 151,398 آخرين، وفق آخر الإحصائيات. هذا التصعيد الدامي، إلى جانب الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على القطاع، والذي يُوصف في بعض التقارير الحقوقية بأنه “سلاح تجويع” ممنهج، دفع عددًا من الخبراء والمراقبين إلى اعتبار ما يجري إبادة جماعية محتملة. في ظل هذا الواقع، تصبح المبادرات الدولية، مثل تلك التي تقودها الجزائر، جزءًا من الجهود الرامية إلى كسر حالة الشلل الأخلاقي والقانوني في مواجهة هذه الكارثة الإنسانية.

Exit mobile version