دول الساحل…نهاية عهد فاغنر وبداية فيلق أفريقيا ؟

افاد تقارير اعلامية عن اعلان  مجموعة “فاغنر” الروسية عن بدء انسحابها من مالي بعد أكثر من ثلاث سنوات من العمليات العسكرية ضد الجماعات المسلحة.

وحسب وسائل الاعلام فإن هذا القرار يأتي “في أعقاب خسائر كبيرة تكبدتها المجموعة في معارك مع جماعات مرتبطة بالقاعدة، مثل “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” “JNIM”، حيث قُتل العشرات من مقاتلي فاغنر والجنود الماليين في كمائن شمال البلاد.”

واشارت المصادر أنه على الرغم من انسحاب فاغنر، ستستمر روسيا في الحفاظ على وجودها العسكري في مالي من خلال “فيلق أفريقيا”، وهو وحدة تابعة لوزارة الدفاع الروسية، مما يشير إلى تحول في الاستراتيجية الروسية نحو تقديم الدعم اللوجستي والتدريب بدلاً من الانخراط المباشر في القتال.

يُذكر أن فاغنر دخلت مالي في أعقاب الانقلاب العسكري عام 2021، مستفيدة من انسحاب القوات الفرنسية وقوات الأمم المتحدة. ورغم تقديمها الدعم العسكري للحكومة المالية، إلا أن فاغنر واجهت اتهامات بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك مجازر ضد المدنيين في مناطق مثل “مورا” و”هومبوري”.

وقال محللون ان الانسحاب الحالي لفاغنر يعكس تحولاً في السياسة الروسية في أفريقيا، حيث تسعى موسكو إلى تعزيز نفوذها من خلال قنوات رسمية وتحت إشراف وزارة الدفاع، بدلاً من الاعتماد على مجموعات شبه عسكرية مستقلة. هذا التغيير قد يكون نتيجة للانتقادات الدولية المتزايدة والانقسامات الداخلية التي ظهرت بعد وفاة مؤسس فاغنر، يفغيني بريغوجين، في عام 2023.

للاشارة “فيلق أفريقيا” هو تشكيل عسكري روسي جديد برعاية رسمية من وزارة الدفاع الروسية، أُنشئ في أعقاب تفكك مجموعة “فاغنر” الخاصة، ويُعد الامتداد الرسمي للنفوذ العسكري الروسي في القارة الأفريقية. تم الإعلان عن تشكيل هذا الفيلق في بداية عام 2024، ويخضع مباشرة لإشراف الجنرال يونس بك يفكوروف، نائب وزير الدفاع الروسي، الذي يُعتبر مهندس إعادة تنظيم الوجود الروسي بعد مقتل يفغيني بريغوجين، زعيم “فاغنر”.

و تشير المعلومات ان “فيلق أفريقيا” يتخذ من قاعدة القرضابية الجوية قرب مدينة سرت الليبية مركزًا لعملياته، ويضم آلاف المقاتلين من الروس والمتطوعين المحليين من دول أفريقية، على غرار مالي، جمهورية إفريقيا الوسطى، بوركينا فاسو والنيجر. وتتمثل مهامه في تقديم الدعم القتالي والتدريب العسكري للقوات الحليفة، تأمين المنشآت الاستراتيجية مثل مناجم الذهب والموارد الطبيعية، بالإضافة إلى توفير الحماية للأنظمة الموالية لموسكو في مواجهة الجماعات المسلحة أو النفوذ الغربي، خصوصًا الفرنسي والأمريكي.

ما يُميز “فيلق أفريقيا” عن “فاغنر” هو طابعه الرسمي والمؤسسي، حيث تم تقنين تمويله عبر الموازنة العسكرية الروسية، ويُمنح مقاتلوه رواتب مغرية تصل إلى 3200 دولار شهريًا، إلى جانب امتيازات أخرى كالتأمين الصحي والاجتماعي. ويُنظر إلى هذا التشكيل كخطوة نحو إحلال الشرعية والانضباط محل نموذج المرتزقة المستقل الذي لطالما ميز “فاغنر”، مع الحفاظ على الأهداف الجيوسياسية ذاتها: بسط النفوذ الروسي في مناطق الفراغ الأمني والاقتصادي بأفريقيا، ضمن سباق تنافسي مع القوى الغربية على النفوذ في القارة.

و للتذكير جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM) هي تحالف جهادي ينشط بشكل أساسي في منطقة الساحل الإفريقي، خاصة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر. تأسست عام 2017 إثر اندماج عدة تنظيمات مسلحة تنتمي إلى القاعدة، وهي اليوم الفرع الرئيسي لـتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي (AQIM) في منطقة الساحل.

Exit mobile version