بين السودان وليبيا ومصر: جبهة جديدة تفتح في الحرب السودانية

علنت قوات الدعم السريع في السودان سيطرتها على المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر، في خطوة اعتبرتها “تحولًا استراتيجيًا” ضمن إعادة انتشارها في شمال دارفور. وأشارت في بيان لها إلى تكبيد الجيش السوداني خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، إلى جانب الاستيلاء على عشرات المركبات.

وتكمن أهمية هذا المثلث في موقعه الجغرافي الحدودي، حيث يشكّل معبرًا تقليديًا لحركة التهريب والأسلحة والمقاتلين عبر الصحراء، شمال مدينة الفاشر، إحدى أبرز ساحات الحرب الأهلية الدائرة منذ أبريل 2023. ويرى مراقبون أن تمدد “الدعم السريع” نحو هذا المحور يعكس استراتيجية لتوسيع الصراع خارج المناطق الحضرية إلى جبهات حدودية أقل رقابة وأكثر قابلية للتوظيف اللوجستي.

في المقابل، أوضح الجيش السوداني أن انسحابه من المنطقة جاء في إطار “ترتيبات دفاعية”، دون الكشف عن تفاصيل دقيقة، لكنه وجّه اتهامًا مباشرًا لقوات الدعم السريع بالتعاون مع عناصر عسكرية من شرق ليبيا بقيادة خليفة حفتر، معتبرًا أن الهجوم تم بدعم خارجي. ويُعد هذا التصريح أول إشارة رسمية من الخرطوم إلى وجود تدخل ليبي في النزاع السوداني.

غير أن وزارة الخارجية والتعاون الدولي في حكومة الوحدة الوطنية الليبية سارعت إلى نفي هذه المزاعم، مؤكدة في بيان صادر من طرابلس بتاريخ 11 يونيو 2025، أن المجموعة المسلحة المشار إليها “لا تتبع لوزارة الدفاع الليبية، ولا تخضع لأوامر رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي”. وأعربت الوزارة عن “رفضها التام للزج بأبناء الوطن في نزاعات إقليمية”، محملة المسؤولية الجنائية لأي جهة يثبت تورطها في الأعمال المشار إليها. كما جدّدت دعمها “لأمن السودان واستقراره، ووحدة أراضيه، وضرورة التوصل إلى حل سلمي ينهي الاقتتال”.

يُذكر أن قوات الجيش السوداني كانت قد استعادت العاصمة الخرطوم في مارس 2025، مما دفع قوات الدعم السريع إلى تركيز عملياتها في دارفور، وتبنّي تكتيكات جديدة شملت استخدام الطائرات المسيّرة لضرب أهداف في بورتسودان، العاصمة المؤقتة للحكومة، ما أسهم في تعقيد المشهد الإقليمي ورفع منسوب التوتر عبر الحدود.

للاشارة ، تصاعدت الاتهامات الموجهة لدولة الإمارات بدعمها العسكري واللوجستي لقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي). ورغم النفي الرسمي الصادر عن أبوظبي، كشفت تقارير أممية وغربية عن تسيير أكثر من 30 رحلة جوية إماراتية خلال عام واحد نحو مناطق قريبة من النزاع، يشتبه بأنها نقلت أسلحة ومعدات عسكرية عبر دول وسيطة مثل تشاد وأوغندا. هذا الدعم المفترض، الذي تصفه مصادر سودانية بأنه “تورط مباشر في زعزعة استقرار البلاد”، دفع حكومة السودان إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الإمارات في مايو 2025، وتقديم شكوى رسمية ضدها إلى محكمة العدل الدولية، متهمةً إياها بدعم جرائم إبادة جماعية في دارفور. وفي المقابل، أكدت الإمارات التزامها بالحياد ودعم الحلول الإنسانية، نافيةً أي دعم عسكري لأطراف النزاع. وبين النفي الرسمي والاتهامات المتصاعدة، تظل علاقة أبوظبي بحميدتي إحدى أكثر زوايا الحرب السودانية غموضًا وإثارة للقلق الإقليمي والدولي.

المصدر: RT + الصحفي

Exit mobile version