في تطور يثير تساؤلات خطيرة حول أمن المنظومات الدفاعية الإسرائيلية، تم تداول معلومات تفيد بأن الهجوم على قاعدة نيفاتيم الجوية لم يتم فقط عبر صواريخ هجومية خارقة، بل إن الخرق الأكبر تمثل في السيطرة على بعض صواريخ منظومة “القبة الحديدية” نفسها، وتوجيهها بشكل معكوس نحو القاعدة ذاتها. هذا السيناريو المفترض، في حال تأكدت صحته، يُعد تحولًا نوعيًا في مفهوم الحرب السيبرانية المرتبطة بأنظمة الدفاع الجوي، حيث يعني أن جهة ما غالبًا ذات قدرات استخباراتية واختراقية عالية تمكنت من النفاذ إلى نظام التحكم والتوجيه الخاص بالقبة الحديدية، سواء عبر تشويش متقدم أو اختراق مباشر لأنظمة الاتصالات والتحكم.
و أثار الحرس الثوري الإيراني ضجة بعد نشره بيانًا صباح 16 حوان 2025، أكد فيه أن الموجة الأخيرة من الصواريخ التي استهدفت إسرائيل شملت ثغرة تقنية في منظومة “القبة الحديدية” : «منظومات دفاع العدو استهدفت بعضها بعضًا نتيجة الخلل الذي تعرضت له أثناء القصف» وقال البيان إن “الصواريخ غيرت مسارها داخليةً بعد اختراق القبة، مما أتاح لها ضرب أهداف مثل قاعدة نيفاتيم الجوية”، دون توضيح إذا ما كان ذلك ناجمًا عن تشويش إلكتروني أو خرق سيبراني فعلي.
تداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة عبر منصّات “تيليغرام” و”إكس”، مقاطع فيديو قالوا إنها توثّق لحظة استهداف قاعدة نيفاتيم الجوية في صحراء النقب، بصواريخ يُعتقد أنها تعود لمنظومة “القبة الحديدية” الإسرائيلية نفسها. ووفقًا للتعليقات المرافقة للفيديوهات، فإن الخلل قد يكون ناتجًا عن اختراق تقني أو تشويش سيبراني أدى إلى توجيه الصواريخ نحو أهداف إسرائيلية داخلية بدلًا من التصدي لهجمات خارجية.
هذا النوع من الهجمات لا يهدد فقط فعالية المنظومة الدفاعية التي طالما افتخرت بها إسرائيل، بل يفتح الباب أمام “سلاح العكس”، أي تحويل أدوات الدفاع الذاتي إلى أدوات تدمير ذاتي من داخل المنظومة نفسها. وفي حال كانت القاعدة المستهدفة هي نيفاتيم، حيث تُخزن وتُدار طائرات F-35 وأنظمة الرصد الجوية المتقدمة، فإن ذلك يُعتبر ضربة استراتيجية تتجاوز الأضرار المادية نحو التشكيك في موثوقية العمود الفقري للدفاعات الإسرائيلية.
فيما اشارات تحليلات أولية أخرى ، أن صواريخ إيرانية استهدفت قاعدة “نيفاتيم” انطلاقًا من عمق الأراضي الإيرانية، وهي قاعدة تُعد من الأعمدة الاستراتيجية لسلاح الجو “الإسرائيلي”، وتضم وحدات تشغيل طائرات “إف-35”. وتشير تقارير إلى أن بعض الصواريخ تمكنت من اختراق الدفاعات الجوية، مرجحة أن يكون ذلك بفعل تشويش إلكتروني أو قرصنة مؤقتة لمنظومة القبة.
وبينما تستغرق الطائرات الإسرائيلية قرابة 45 دقيقة للوصول إلى المجال الجوي الإيراني، فإن الصواريخ الإيرانية الفرط صوتية لا تحتاج لأكثر من 10 دقائق للوصول إلى أهداف داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما يقلب قواعد الردع ويفرض معادلات جديدة في زمن الاستجابة.
يرى محللون أن نجاح الهجوم في استهداف قاعدة نيفاتيم، حتى وإن كان جزئيًا، يُعد تطورًا نوعيًا في قواعد الاشتباك بين الطرفين. ويكمن الخطر ليس فقط في حجم الخسائر، بل في اهتزاز صورة التفوق التكنولوجي الإسرائيلي، خاصة بعد تداول تقارير عن تعطل القبة الحديدية أو إعادة توجيهها بسبب تدخلات إلكترونية.
تُشكل منظومة القبة الحديدية إحدى ركائز العقيدة الدفاعية الإسرائيلية، وقد طورتها تل أبيب لصد صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى. لكن التطورات الأخيرة أظهرت أن هذه المنظومة، رغم كفاءتها، ليست منيعة أمام صواريخ دقيقة وسريعة تُطلق ضمن هجمات مزدوجة تشمل تشويشًا أو اختراقًا إلكترونيًا.
وفي انتظار تأكيدات رسمية من الطرفين، تبقى تفاصيل الهجوم وحقيقة الاختراق محل جدل. لكن المؤكد أن حرب الأعصاب مستمرة، وأن عنصر المفاجأة لم يعد حكراً على طرف دون الآخر.
للتذكير تُعد قاعدة نيفاتيم الجوية من أكبر وأحدث المنشآت العسكرية في “إسرائيل”، وتكتسي أهمية استراتيجية بالغة في منظومة الدفاع والهجوم الجوي للدولة العبرية. تقع القاعدة في عمق صحراء النقب، جنوب شرق مدينة بئر السبع، ما يجعلها خارج نطاق الاستهداف السريع من الجبهات التقليدية. إلا أن ما يضفي عليها حساسية مضاعفة هو احتضانها لأسراب طائرات F-35i “Adir” المتطورة، وهي الطائرات الشبحية التي تشكّل رأس الحربة في سلاح الجو الإسرائيلي، بما تتيحه من قدرة على تنفيذ ضربات دقيقة وعميقة، خاصة في حال اندلاع مواجهة مع إيران أو “حزب الله”. كما تضم القاعدة مراكز قيادة وتحكم متقدمة، ووحدات للاتصالات العسكرية، ومنشآت لوجستية تتيح لها مواصلة العمل حتى في ظروف الحرب. وبحسب تقارير استخباراتية، فإن أي اختراق أو استهداف مباشر لنيفاتيم من شأنه أن يشل جانبًا مهمًا من القدرة العملياتية لسلاح الجو الإسرائيلي، ويمثل ضربة رمزية ومعنوية في عمق ما يُفترض أنه “المجال المحصّن”.