في سياق البحث عن آفاق نمو جديدة، تدرس المملكة المتحدة إمكانية إعادة هيكلة وزارة الخزانة لتعزيز قدرتها على تنفيذ استثمارات كبرى مستقبلاً. وزيرة المالية رايتشل ريفز دعت إلى تبني نهج أكثر مرونة فيما يتعلق بالإدارة المالية، بما يسمح بضخ ما يصل إلى 113 مليار جنيه إسترليني خلال خمس سنوات، مع إعطاء الأولوية لبرامج البنية التحتية والنمو الأخضر.
لكن هذا التوجه يواجه مقاومة من داخل أروقة الدولة، حيث يُنظر إلى وزارة الخزانة البريطانية كحصن للضبط المالي الصارم، وقد تكون إعادة تشكيلها خطوة محفوفة بالمخاطر من الناحية السياسية.
بعض المقترحات المطروحة لهيكلة وزارة الخزانة في المملكة المتحدة إمكانية تشمل إعادة إنشاء وزارة جديدة موازية تُعنى حصريًا بالنمو، بينما يرى آخرون أن الحل يكمن في توسيع صلاحيات الفرق الاقتصادية داخل الوزارة الحالية. وتأتي هذه النقاشات في ظل تراجع معدلات الاستثمار العام وتباطؤ النمو، ما يفرض تحديات كبيرة على الحكومة المقبلة. إعادة هيكلة مؤسسات الدولة المالية ليست مجرد مسألة تقنية، بل تتطلب نقاشاً أوسع حول أولويات السياسات الاقتصادية في بلد يواجه ضغوطًا متزايدة داخليًا وخارجيًا.
للاشارة وزارة الخزانة البريطانية (His/Her Majesty’s Treasury) هي أقدم مؤسسة مالية في المملكة المتحدة، تُعدّ القلب النابض لصياغة السياسة الاقتصادية والمالية للحكومة. يعود تأسيسها الرسمي إلى عام 1126، خلال عهد الملك هنري الأول، حين أنشئت كـ”خزانة الملك” لإدارة الأموال الملكية، قبل أن تتطور عبر القرون إلى الهيئة السيادية التي تدير اقتصاد البلاد اليوم. منذ ذلك الحين، لعبت الخزانة دورًا مركزيًا في تحصيل الضرائب، تنظيم الإنفاق، وتوجيه النشاط الاقتصادي، لا سيما خلال فترات الأزمات الكبرى كالحروب العالمية والأزمات المالية.
يقود و اليوم وزير الخزانة (Chancellor of the Exchequer)، وهو من أبرز المناصب الوزارية في النظام السياسي البريطاني، ويُعتبر مهندس السياسات الاقتصادية العامة. من بين أبرز مسؤوليات الوزارة: إعداد الميزانية العامة للدولة، وضع الضرائب، إدارة الدين العام، والإشراف على السياسات المالية بالتنسيق مع بنك إنجلترا. كما تضطلع الوزارة بمهمة رسم الاستراتيجيات طويلة الأمد للنمو، وتحفيز الاستثمار، والحفاظ على الاستقرار المالي.
تمتلك الوزارة البريطانية صلاحيات رقابية وتشريعية واسعة على المؤسسات المالية، وتنسّق أعمالها مع هيئات أخرى مثل هيئة الإيرادات والجمارك (HMRC) وهيئة الخدمات المالية. ويُنظر إلى وزارة الخزانة باعتبارها مركز ثقل في صناعة القرار البريطاني، ليس فقط في الشؤون المالية، بل أيضًا في التوجهات السياسية الكبرى، حيث تمتد صلاحياتها لتؤثر في شتى قطاعات الاقتصاد البريطاني.
المصدر: رويترز + الصحفي