فول عاشوراء في غرداية… طعم من الذاكرة

يُعد طبق “الفول المطبوخ” من أبرز رموز الاحتفال بيوم عاشوراء لدى سكان ولاية غرداية (الجنوب الشرقي الجزائر) والمناطق المجاورة، إذ لا تمر هذه المناسبة دون أن تعبق بيوت الأهالي برائحته، محمّلة بروح الكرم والانتماء والهوية.

فمع حلول العاشر من محرم، يتحول طبق الفول في ولاية غرداية إلى طقس اجتماعي لا غنى عنه، يجتمع حوله الصغار والكبار. إذ تحرص ربات البيوت على تحضيره بعناية في الليلة السابقة، بعد نقع الفول وغليه على نار هادئة حتى الصباح. وفي فجر اليوم الموالي، يبدأ الأطفال جولاتهم، يحملون صحونًا فخارية صغيرة، ويتنقلون بين البيوت لجمع الفول في مشهد احتفالي يبعث البهجة في الأزقة والدروب.

ولا تقف رمزية هذا طبق الفول  عند المذاق، بل تمتد إلى طقوس توزيعه؛ إذ يُستخدم عود من النخيل توضع فيه ما بين ثلاث إلى سبع حبات من الفول، في إشارة إلى السنة النبوية في عدد التمرات، كما تعبّر هذه العادة عن العلاقة الرمزية العميقة بين سكان المنطقة وشجرة النخيل.

في هذه المناسبة، تتجلى ملامح الأصالة أيضًا من خلال اللباس التقليدي الذي ترتديه الفتيات الصغيرات، من “الملحفة” إلى “المفتول”، مع لمسات من الحناء والكحل التقليدي المستخرج من “الأنْتيمون”، فيما تتزين البيوت بالزرابي المصنوعة يدويًا والمطرزة برموز من التراث المحلي.

أما يوم عاشوراء، فهو بالنسبة لأهالي غرداية ليس مجرد مناسبة دينية، بل مساحة تُستعاد فيها قيم التراحم والتضامن؛ من زيارة الأقارب والمقابر، إلى جمع الصدقات وصيام اليوم، في استمرار لروح الهجرة والنجاة، وربط الماضي بالحاضر.

المصدر: واج

Exit mobile version