تحويل ميناء روتردام إلى ممر عسكري للناتو

اتخذت هولندا خطوة لافتة على الصعيد الدفاعي بتحويل جزء من ميناء روتردام، أكبر موانئ أوروبا، إلى ممر عسكري مخصص لاستقبال شحنات الأسلحة والنقل اللوجستي لقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو). وتشير التقارير إلى أن الرصيف الجديد سيستقبل نحو أربع إلى خمس سفن حربية سنويًا، في إطار تعزيز قدرة أوروبا على التحرك العسكري السريع تحسّبًا لأي تصعيد محتمل، خاصة على الجبهة الشرقية مع روسيا.

وتعد خطوة تحويل ميناء روتردام إلى ممر عسكري للناتو الأولى من نوعها التي يُخصَّص فيها جزء من الميناء لتفريغ الذخائر والمعدات العسكرية الثقيلة، حيث جرى تحويل محطة حاويات مدنية إلى منطقة عمليات لوجستية عسكرية. وقد تم ذلك بطلب رسمي من الناتو، في ظل تعاون واسع بين روتردام وميناء أنتويرب البلجيكي لضمان تدفق سلس وآمن للأسلحة عبر أوروبا.

التحرك الهولندي يأتي في وقت تكثف فيه الدول الأوروبية جهودها للرفع من قدراتها الدفاعية، ضمن مسعى جماعي لتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة في الشؤون الأمنية. كما يشمل المخطط العام تحويل الموانئ الأوروبية الكبرى إلى مراكز للتخزين الاستراتيجي لمواد حيوية مثل النفط والأدوية، إلى جانب الذخيرة والمعدات العسكرية.

من خلال هذه الإجراءات، يبدو أن أوروبا تعيد ترتيب أولوياتها الجيوسياسية، وتستعد لمشهد دولي يتسم بالمواجهة والتقلبات السريعة، فيما تظل موانئها في قلب هذا التحول.

للاشارة في موازاة تحويل الموانئ الأوروبية إلى ممرات عسكرية، يعكس هذا التوجه جزءًا من السياسة الجديدة لحلف شمال الأطلسي، التي تدفع نحو رفع الإنفاق الدفاعي للدول الأعضاء إلى 2% على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي. وتأتي هذه الخطوة في ظل ضغوط أمريكية مستمرة على الشركاء الأوروبيين لتحمّل مزيد من الأعباء الأمنية، وسط تصاعد التهديدات الجيوسياسية، خصوصًا من جانب روسيا. ووفقًا لمصادر غربية، فإن عدداً متزايدًا من دول الحلف بدأ فعليًا في إعادة هيكلة ميزانياته الدفاعية، بما يشمل تحديث الأسلحة، وتعزيز البنى التحتية اللوجستية، وتحويل منشآت مدنية إلى استخدامات عسكرية عند الحاجة. وتعد هولندا من الدول التي تجاوبت سريعًا مع هذه السياسات، من خلال رفع مخصصات وزارة الدفاع وتنفيذ مشاريع استراتيجية مثل تأهيل ميناء روتردام للأغراض العسكرية.
المصدر: فايننشال تايمز

Exit mobile version