منصة “7or”…حرب خوارزميات بلا إعلان

منذ اندلاع حرب الابادة الإسرائيلية على فلسطينيين غزة في أكتوبر 2023، لم تقتصر المعركة على الأرض، بل امتدّت إلى الفضاء الرقمي، حيث واجه الفلسطينيون محاولات ممنهجة لمحو صوتهم، وحجب روايتهم، والتضييق على تواصلهم. وسط هذا المشهد الرقمي المشوَّش، برزت منصة “7or” كأداة رقمية، توثّق، ترصد، عبر سردية مضادة. هذا ما كشفته الورقة التحليلية الأخيرة الصادرة عن مركز 7amleh في 7 جويلية 2025.

تُبيّن ورقة مركز 7amleh أن العدوان العسكري “الإسرائيلي” دمّر نحو 50% من البنية التحتية للاتصالات في قطاع غزة. ومع الانقطاع شبه التام للكهرباء والإنترنت، اضطرّ السكان لاستخدام شبكات الاتصال من الجيل الثاني (2G)، في محاولة لإرسال إشارات رقمية إلى العالم، ولو ببطء قاتل.

وتصف الورقة الوضع بأنه “عزلة رقمية قسرية”، لم تحرم السكان من المعلومة فقط، بل عطّلت أيضًا أدواتهم في توثيق الجرائم، ونقل الوقائع، وطلب النجدة.

كما كشفت المعطيات التي جمعتها منصة “7or” أن المحتوى الفلسطيني تعرّض لحذف واسع خلال الحرب. في الفترة ما بين أكتوبر 2023 ونهاية جوان 2024: حيث تم تسجيل 1,640 بلاغًا عن انتهاكات رقمية ضد المستخدمين الفلسطينيين. منها 436 حالة تم فيها استرجاع حسابات أو إزالة قيود من طرف منصات مثل فيسبوك وإنستغرام. تم تسجيل ارتفاع بنسبة 42% في البلاغات مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

وبحسب تقارير سابقة لـ7amleh، فقد أظهرت شركات التواصل التزامًا كبيرًا بالطلبات الإسرائيلية، حيث استجابت بنسبة وصلت إلى 95% لبعض الطلبات الأمنية، ما فُسّر على أنه انحياز خوارزمي وهيكلي ضد السردية الفلسطينية.

منصة “7or” التي أُطلقت عام 2021، عملت على توثيق الحالات الفردية والجماعية لحذف المحتوى الفلسطيني، وتعليق الحسابات، وتقييد الوصول. لم تكتفِ المنصة بالتوثيق، بل:

تشير الورقة إلى أن الرقابة الرقمية التي طالت الفلسطينيين لم تكن دائمًا ظاهرة. فقد مارست منصات مثل ميتا (فيسبوك، إنستغرام) نوعًا من “الرقابة الناعمة”، عبر خوارزميات تقلّل من وصول منشورات تحتوي على كلمات مثل:

تقول الورقة إن هذا النوع من الرقابة “الصامتة” يمنع انتشار المحتوى حتى قبل أن يُحذف، ويجعل الرواية الفلسطينية غير مرئية في الفضاء العام العالمي.

رغم شح الوسائل التقنية، لم يتوقف سكان غزة عن ابتكار طرق لإيصال صوتهم. فقد استخدموا:

هذه المبادرات الفردية، بحسب الورقة، كانت بمثابة “مقاومة سردية”، قاومت المحو والرقابة بالتوثيق والإصرار.

تختتم الورقة بمجموعة من التوصيات، منها:

تكشف تجربة منصة “7or” خلال حرب غزة أن المعركة على الرواية لا تقل أهمية عن المعركة على الأرض. في زمن الخوارزميات الجائرة، يصبح الحفاظ على منشور، أو إعادة حساب، فعل مقاومة. وفي ظل محاولات المحو الرقمي، تبقى “7or” بمثابة أرشيف رقمي لذاكرة تصرّ على البقاء.

Exit mobile version