تطرّق مقال لــ Algérie Patriotique إلى الانقسامات العميقة داخل الاتحاد الأوروبي، مسلطًا الضوء على تراجع الدور الفرنسي في القارة والعالم، مقابل صعود الشراكات الاستراتيجية التي تبنيها الجزائر مع دول جنوب أوروبا، وعلى رأسها إيطاليا، إسبانيا والبرتغال، في مجالات الطاقة، الزراعة، والبنية التحتية الرقمية.
من خلال عرض نقدي لوضع الاتحاد الأوروبي، أشار المقال إلى أن هذا الكيان لم يعد يشكل كتلة موحدة، بل بات أشبه بسقالة متصدعة تهتز من الداخل تحت تأثير أزمات متعددة. الفجوة بين الشمال والجنوب، والاختلافات في التوجهات الجيوسياسية بين الشرق والغرب، كلها عوامل أفرزت ما وصفه النص بـ”حرب مصالح مستترة” بين الدول الأعضاء.
في هذا السياق، توقف المقال مطولًا عند التراجع الحاد في نفوذ فرنسا، سواء داخل المؤسسات الأوروبية أو على الساحة الدولية، وخاصة في إفريقيا، حيث فشلت باريس – وفق المقال – في الحفاظ على موقعها التقليدي، متأثرة بما اعتبره الكاتب “عجرفة سياسية” و”إخفاقات استراتيجية”، من بينها التوتر المتزايد في علاقاتها مع الجزائر.
بالمقابل، سلط المقال الضوء على ديناميكية جديدة تتشكل في الفضاء المتوسطي، حيث تبرز الجزائر كفاعل مستقل يعيد صياغة تحالفاته بعيدًا عن الثقل التاريخي للعلاقات مع فرنسا. ووفقًا للمعطيات التي تم تقديمها، فإن التعاون مع إيطاليا يتخذ طابعًا استراتيجيًا واضحًا، خاصة في قطاع الطاقة، عبر اتفاقيات ضخمة بين سوناطراك وشركة ENI، تشمل تزويد أوروبا بالغاز الجزائري عبر أنبوب TransMed، فضلًا عن مشاريع مشتركة في مجال الهيدروجين الأخضر والاتصال الرقمي.
أما العلاقة مع إسبانيا، فرغم التوترات السابقة، فقد أظهرت مؤشرات على الاستقرار، خصوصًا من خلال استمرار تدفق الغاز عبر أنبوب “ميدغاز”، إلى جانب فتح مجالات تعاون جديدة في قطاعات الصيد البحري والزراعة المستدامة. كما أشار المقال إلى انخراط البرتغال في مشاريع تعاون واعدة، تشمل الطاقات المتجددة، تحلية المياه، وتطوير مراكز لوجستية وتجارية في الضفة الجنوبية للمتوسط.
وفق ما جاء في المقال، فإن الجزائر تعتمد مقاربة براغماتية، تضع المصالح المشتركة في صلب علاقاتها، وتفتح المجال لشراكات متوازنة مع دول تتعامل معها بندية، ودون استعلاء. ويبدو أن الرسالة التي حملها النص هي أن الجزائر لم تعد تنتظر من باريس أو غيرها “مباركة” سيادتها، بل تسير بخطى ثابتة نحو تموقع جديد على المستوى الإقليمي، مدفوعة بتحولات جيوسياسية تعيد رسم ملامح علاقات الشمال بالجنوب.
وختم المقال بإشارة واضحة إلى أن من لا يُدرك أن موازين القوة تتغير، سيجد نفسه في عزلة متزايدة، تمامًا كما هو الحال – بحسب تعبيره – مع فرنسا التي “تشاهد التاريخ يمرّ من أمامها دون أن تكون جزءًا منه”.