تطرّق تقرير لموقع “الجزائر اليوم” إلى التداعيات المتزايدة لقرار الجزائر وقف استيراد القمح الفرنسي، وتأثيره المباشر على شعبة الحبوب في فرنسا، التي تواجه اليوم أزمة فائض وتراجع في التنافسية العالمية.
وبحسب تصريحات نُقلت عن مهندس أعمال في بنك “كريدي أغريكول”، فإن الجزائر، التي كانت الزبون الأول للقمح الفرنسي لسنوات طويلة، لم تستورد أي كمية منذ موسمي 2023 و2024، مؤكدًا أن غياب الجزائر للسنة الثانية على التوالي بات محسوسًا في القطاع.
وتشير التقديرات إلى أن فرنسا ستنتج هذا الموسم نحو 33 مليون طن من القمح، بينما لن يتجاوز حجم الكميات المخصصة للتصدير (8 ملايين طن)، ما يُعتبر رقمًا أدنى من معدلات التصدير في السنوات السابقة. ويثير هذا الوضع مخاوف من تراكم فائض غير مُباع مع نهاية الحملة.
وقد يفقد قطاع الحبوب الفرنسي موقعه التنافسي، إذ يُتوقع أن تتراجع فرنسا إلى المرتبة السابعة عالميًا في تصدير القمح، متجاوزةً من طرف الأرجنتين، مع اتساع الفجوة بينها وبين كبار المصدرين مثل روسيا وأستراليا وكندا والولايات المتحدة.
ويعود هذا التحول في العلاقات التجارية إلى أكتوبر 2021، حين قررت الجزائر عدم تجديد عقود استيراد القمح الفرنسي، في أعقاب تصريحات مثيرة للجدل للرئيس إيمانويل ماكرون حول التاريخ الاستعماري، اعتبرتها الجزائر مسيئة وغير مقبولة.
وقبل هذا التوقف، كانت فرنسا تزوّد الجزائر بحوالي 40% من حاجياتها من القمح، أي ما يعادل نحو (3.2 مليون طن سنويًا). لكن الجزائر اختارت منذ ذلك الحين تنويع مصادر وارداتها، موجهة بوصلتها نحو روسيا، أوكرانيا، وكندا، في موازاة خطة وطنية لتقليص التبعية الغذائية وتعزيز الإنتاج المحلي.
وقد صرّح الرئيس عبد المجيد تبون، في أكثر من مناسبة، أن استيراد الحبوب من الخارج “أمر غير مقبول”، مؤكدًا أن الجزائر تملك أراضي شاسعة تؤهلها لتغطية حاجاتها ذاتيًا. وأعلن خلال لقاء إعلامي أخير أن البلاد حققت لأول مرة منذ الاستقلال اكتفاءً ذاتيًا في القمح الصلب.
وأبرز رئيس الجمهورية أن هذا الإنجاز شمل أيضًا تحسنًا في إنتاج الذرة والشعير والقمح اللين، وهو ما يعكس فعالية الاستراتيجية الزراعية الجديدة التي تعتمد على توسيع المساحات المزروعة وتشجيع الاستثمار في المجال الفلاحي، ضمن رؤية تهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي الوطني وتقليص كلفة الاستيراد.