السينما العراقية تبحث عن موقعها في المهرجانات العالمية

تطرّق مقال في جريدة النهار إلى الدورة الثانية من مهرجان بغداد السينمائي، التي أقيمت بين 15 و21 سبتمبر 2025، حيث امتزجت العروض السينمائية بورش العمل، واللقاءات الفكرية، وحفلات توقيع الكتب، إضافة إلى احتفاء خاص بالسينما التونسية وزيارات لأبرز معالم العاصمة.

مهرجان  بغداد السينمائ، بحسب المقال، يسعى إلى أن يكون مساحة ثقافية للنهوض ببلد أنهكته الحروب والانقسامات بعد عقود من الديكتاتورية. فزائر بغداد غالباً ما يصل محملاً بصور نمطية سلبية تراكمت عبر الإعلام، لكن حرارة الترحيب وكرم الضيافة العراقيين تكشف وجهاً آخر للمدينة. ورغم ذلك، شدد المقال على أن النيات الحسنة وحدها لا تكفي لصناعة حدث ثقافي قادر على ترك أثر عميق، خصوصاً مع غلبة الأفلام العراقية على حساب البعد الدولي الذي يفترض أن يحمله مهرجان يحمل صفة “دولي”.

من جهة أخرى، رصد المقال الحضور المتزايد للسينما العراقية في المهرجانات العالمية، حيث شارك فيلم “تجري من تحتها الأنهار” لعلي يحيى في مهرجان برلين، وفاز فيلم “كعكة الرئيس” لحسن هادي بجائزة “الكاميرا الذهبية” في مهرجان كان. كما قدّم محمد الدراجي فيلمه “إركالا – حلم كلكامش” في لوكارنو، وظهرت الممثلة زهراء الغندور في مهرجان تورونتو بفيلم “فلانة”. وإلى جانب هذا الحضور المعاصر، عاد المهرجان إلى الأرشيف من خلال عرض فيلم “سعيد أفندي” (1956) للمخرج كاميران حسني ضمن قسم “كلاسيكيات كان”، حيث اختير الفيلم لافتتاح التظاهرة.

وأشار المقال إلى أن المهرجان لم يخلُ من ارتباكات تشبه ما تعيشه الحياة العامة في العراق، لكنه يشكّل محاولة لإعادة بناء الوعي الثقافي من خلال الفن. فالسينما، هنا، ليست ترفاً، بل وسيلة لمقاومة الخراب واستعادة العلاقة مع العالم. وفي بلد مثقل بالتاريخ والصراعات السياسية والطائفية، يصبح أي نشاط ثقافي نافذة أمل على احتمالات جديدة، شرط أن توضع الكفاءات المناسبة في المواقع الصحيحة لضمان تحوّل النيات إلى إنجازات.

كما لفت المقال إلى تزامن المهرجان مع إقامة معرض بغداد الدولي للكتاب، ما أتاح فرصة لاجتماع مثقفين وكتّاب وصحافيين في العاصمة. ورغم العراقيل المرتبطة بضعف الإمكانات، وغياب صناعة سينمائية محلية قوية، وانتشار المحسوبيات، اعتُبر المهرجان محاولة مهمة لترسيخ صورة بغداد كمحفل سينمائي عربي يمكن أن يكتسب صدقية مع مرور الوقت.

وختم المقال بالقول إن العراق، بلد الحضارات ومرتع أول التجليات الثقافية، لا ينقصه شيء ليكون فضاءً فنياً متجدداً، لكن الطريق لا يزال طويلاً ومليئاً بالتحديات. فالمهرجان، برغم بداياته المتعثرة، يعكس شغف العراقيين بالثقافة ورغبتهم في استعادة مدينتهم العريقة لدورها كعاصمة للوعي والإبداع.

Exit mobile version