منحت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2025 لكل من فيليب أغيون Philippe Aghion، جويل موكير، وبيتر هاويت، تقديرًا لإسهاماتهم في فهم النمو الاقتصادي المستدام ودور الابتكار فيه. وقد ركز الباحثون على مفهوم “التدمير الخلاق”، الذي يوضح كيف يمكن للمؤسسات الجديدة أن تحل محل القديمة، مما يحفز الابتكار ويعزز الإنتاجية على المدى الطويل.
تسلط هذه الجائزة الضوء على أهمية دعم البحث العلمي والسياسات التي تشجع الابتكار والمنافسة، لا سيما في ظل التطورات السريعة في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. فهي تؤكد أن الابتكار ليس مجرد أداة اقتصادية، بل عنصر أساسي لضمان النمو المستدام وتحقيق التنمية الشاملة على المستوى الوطني والعالمي.
و حظي الاقتصادي الفرنسي فيليب أغيون بالاعتراف العالمي لدوره البارز في تطوير نموذج “التدمير الخلاق”، الذي يبيّن كيفية استبدال المنتجات والعمليات القديمة بأخرى مبتكرة لتعزيز الإنتاجية وتحفيز الابتكار على الصعيدين الوطني والدولي. وأظهر أغيون أن السياسات الداعمة للبحث والتطوير والمنافسة بين المؤسسات ضرورية لتحقيق نمو اقتصادي مستدام وطويل الأمد.
و كان الاقتصادي الفرنسي الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد لعام 2025، فيليب أغيون Philippe Aghion، قد كشف سابقا في زيارة له للجزائر عن رابط عائلي يجمعه بالمناضل مع القضية الجزائرية ، هنري كورييل “Henri Curiel”، الذي اغتيل في باريس عام 1978. أغيون، المعروف بتطويره لنظرية النمو المستدام عبر مفهوم “التدمير الخلاق”، هو ابن ريمون أغيون، ناشط سياسي شيوعي من الإسكندرية، ما يجعل هنري كورييل ابن عم له.
وقال أغيون أن المناضل المناهض للاستعمار هنري كورييل هو أبن عمه ، الأخير كان شخصية بارزة في الحركة المناهضة للاستعمار وأسّس شبكة دعم للثوار الجزائريين خلال حرب الاستقلال ضد الاستعمار الفرنسي. وقد ترك إرثًا سياسيًا وأيديولوجيًا انعكس على أغيون، الذي نشأ في بيئة تجمع بين النشاط الفكري والفني، محاطًا بالمفكرين والمبدعين، ومن بينهم المصمم العالمي كارل لاغرفيلد.
ويؤكد أغيون أن هذا الإرث العائلي كان له أثر واضح على مسار حياته، حيث شكلت قيم الحرية، والمقاومة، والابتكار أساسًا لرؤيته الاقتصادية التي تركز على الابتكار كقوة دافعة للنمو الاقتصادي. كما أن نشأته المحاطة بالفنانين والمبدعين، ومن بينهم المصمم العالمي كارل لاغرفيلد، ساهمت في ترسيخ مفاهيم الإبداع والتجديد في حياته المهنية.
وقد اشارت هذه العلاقة العائلية مرة أخرى إلى أن النضال ضد الاستعمار في الجزائر لم يكن معزولًا، بل كان جزءًا من شبكة أوسع من النشاط السياسي في منطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث تداخلت المصالح والأيديولوجيات بين مختلف الأطراف. وفي الوقت نفسه، يعكس مسار أغيون العلمي كيف يمكن للإرث السياسي والفكري أن يشكل رؤية فكرية واقتصادية عميقة، تمتد من المقاومة إلى الابتكار والبحث العلمي.
من هو هنري كورييل Henri Curiel؟
هنري كورييل (1914–1978) كان مناضلاً سياسيًا وناشطًا من أصل يهودي-مصري، شارك في تأسيس الحركة الشيوعية المصرية ودعم حركات التحرر القومي في العالم الثالث، لا سيما دعم ثوار الجزائر ونجدة مناضلي إفريقيّا اللجنوب وغيرها من حركات التحرر. بعد طرده من مصر استقرّ في باريس.
اغتيل كورييل في 4 ماي 1978 في شقته في باريس (أثناء وجوده في المصعد/الـ«ليفت»)؛ دخل رجلان إلى المصعد وأطلقا عليه عدة رصاصات فأردوه قتيلاً. تبنّت مجموعات متطرّفة يمينية وبعض الخلايا المجهولة مسؤولية الاغتيال، لكن التحقيق الرسمي لم يَؤدِ إلى تقديم منفّذٍ معروف للمحاكمة، وبقيت القضية غير محسومة
تتعدّد فرضيات الجهة التي تقف وراء الاغتيال: اتُهمت خليط من الأطراف بعيدية الميول اليمينية (مستعمرون فرنسيون سابقون أو جماعات مثل «شارل مارتل»/«دلتا كوماندو»)، كما ذُكرت شبهة تورط جهات استخباراتية أجنبية أو عملاء مأجورين مرتبطين بخلايا إجرامية؛ بعض التقارير الصحفية أشارت إلى أسماء مرتبطة بعوالم الجريمة والاستخبارات، لكن لا برهان قضائي واضح تم الإفصاح عنه، لذا تظلّ المسألة غامضة ومحل تكهنات.
خلاصة: كان هنري كورييل فعلاً مركزيًا في شبكات التضامن مع حركات التحرر، واغتياله في باريس عام 1978 كان عملاً مدبّرًا أطلق موجة اتهامات وتكهنات متعددة — إلا أن ملف القتل ظلّ مفتوحًا عملاً وافيةً في الأرشيفات وضمّ العديد من النظريات من دون حكم قضائي حاسم.
