أطلقت الصين رسميًا نظامًا متطورًا للمدفوعات العابرة للحدود يعتمد على اليوان الرقمي (رنمينبي الرقمي)، في خطوة اعتُبرت من أبرز التحركات المالية خلال السنوات الأخيرة نحو بناء نظام مالي عالمي بديل عن الهيمنة الغربية القائمة على شبكة “سويفت”.
وجاء الإعلان عن “رنمينبي الرقمي ” خلال تدشين مركز دولي لتشغيل اليوان الرقمي في شنغهاي بإشراف بنك الشعب الصيني، حيث أكدت السلطات أن المشروع يهدف إلى تسهيل المدفوعات الدولية وتعزيز التسويات التجارية بين الدول الشريكة في مبادرة “الحزام والطريق”.
وقال نائب محافظ البنك المركزي الصيني إن النظام الجديد يقوم على ثلاثة مبادئ أساسية: التوافق، التشغيل البيني، وعدم التدمير للبنى المالية القائمة، موضحًا أن الهدف هو جعل المدفوعات الدولية أسرع وأكثر أمانًا دون الاعتماد على المنصات الغربية.
وفي الوقت نفسه، شرعت الصين في تجارب عملية للمدفوعات الرقمية عبر الحدود مع عدة دول، من بينها الإمارات، ضمن ما يُعرف بـ”جسر العملات الرقمية المتعددة البنوك المركزية” (mBridge)، وهو مشروع يربط البنوك المركزية في آسيا والشرق الأوسط عبر شبكة تسوية رقمية آمنة وسريعة.
كما تشمل الخطة إدماج النظام في المنصات التجارية والمالية داخل المناطق الحرة، لتسهيل التسويات بين الشركات الصينية وشركائها الأجانب باليوان الرقمي، ما يُقلّل الحاجة لاستخدام الدولار الأمريكي كوسيط رئيسي في المعاملات الدولية.
وبحسب بيانات الإدارة العامة للجمارك في الصين، بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين والدول الإفريقية خلال عام 2024 نحو (259.56 مليار دولار)، وهو ما يعكس — وفق مراقبين — المساحة التي يمكن أن يملأها اليوان الرقمي في العمليات التجارية عبر القارة.
ورغم الطموح الكبير وراء المشروع، تشير بعض التحليلات الاقتصادية إلى أن تحويل اليوان الرقمي إلى أداة تسوية عالمية ما يزال يواجه تحديات تقنية وتشريعية، أهمها قدرة النظام على التوافق مع أنظمة الدفع الدولية، والقيود المفروضة على حركة رؤوس الأموال الصينية.
ويرى خبراء في الشؤون المالية أن النظام الجديد يمثل جزءًا من استراتيجية الصين الطويلة الأمد لتدويل اليوان، وتحصينها أمام أي عقوبات مالية محتملة، خاصة في ظل التوترات مع الولايات المتحدة وحلفائها.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه بنك الشعب الصيني أن النظام لا يسعى إلى “منافسة مباشرة” مع “سويفت”، إلا أن توسع استخدامه في التجارة والاستثمار الخارجي يجعل منه أداة فعالة لتقليص النفوذ المالي الغربي، ولبنة جديدة في بناء نظام نقدي عالمي متعدد الأقطاب.
المصدر: وكالات صينية
