فيلم “كان ياما كان في غزة”… حكايات بشر خلف الأرقام

بعد النجاح البارز الذي حققه في مهرجان كان السينمائي ضمن قسم “نظرة ما”، يحطّ الفيلم الفلسطيني “كان ياما كان في غزة” رحاله في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، حاملاً رؤية المخرجين التوأمين عرب وطرزان ناصر لإحياء قصص بسيطة من ذاكرة غزة قبل أن تعصف بها الحرب وتشتت أهلها.

تدور أحداث فيلم “كان ياما كان في غزة” في عام 2007، عقب سيطرة حركة حماس على القطاع، حيث يتابع الفيلم رحلة الطالب الجامعي يحيى الذي تجمعه الصدفة بصاحب مطعم فلافل يُدعى أسامة. سرعان ما تتطور العلاقة إلى صداقة وشراكة في العمل، قبل أن يقوده تردّي الظروف الاقتصادية إلى الانجرار وراء تجارة الحبوب المخدرة إلى جانب أسامة. وحين يحاول يحيى التخلص من هذا العالم والعودة إلى حياة شريفة، يظهر ضابط شرطة فاسد يُدعى أبو سامي، لتتحول المواجهة إلى صراع ينتهي بمقتل أسامة، بينما يبقى يحيى الشاهد الوحيد.

بعد عامين، يجد يحيى نفسه منهاراً على هامش الحياة، قبل أن يعثر عليه مخرج يعمل بوزارة الثقافة، ويسند إليه دور البطولة في فيلم يُصوّر قصة مقاتل تعتبره حماس رمزاً من رموزها. ويتحوّل السرد تدريجياً إلى فيلم داخل فيلم: الأول عن شاب بسيط سحقته الظروف، والثاني عن شخصية بطولية يقف خلفها يحيى نفسه.

لكن لقاءً عابراً يجمع يحيى مجدداً بالضابط أبو سامي، الذي أصبح يشغل منصباً مهماً في شرطة مكافحة المخدرات، ليُعيد إلى السطح ذكريات الماضي ويدفع البطل إلى التفكير في استعادة حق صديقه. وفي النهاية، تأتي الأحداث على غير ما يتوقعه المشاهد، في خاتمة تعكس هشاشة العدالة وسط الفوضى التي تحيط بسكان غزة.

وفي الندوة التي تلت عرض الفيلم بدار الأوبرا المصرية، أوضح المخرجان أن العمل استغرق سنوات من الكتابة والتطوير منذ 2015 وحتى 2023، مشيرين إلى أن تصويره تزامن مع تفاقم مآسي غزة، ما جعلهم يتساءلون عن جدوى تقديم فيلم لا يتناول الإبادة الجارية. لكنهما قررا المضي في المشروع كما هو، لأنهما – على حد قولهما – أرادا تذكير العالم بأن الفلسطينيين ليسوا مجرد أرقام، بل بشر لهم حكايات وأحلام قُطعت قبل الحرب بوقت طويل.

ويؤكد التوأمان أن الفيلم لا يهدف لطرح قضية المخدرات بحد ذاتها، بل لتسليط الضوء على غياب الخيارات لدى شباب غزة الذين تُحاصرهم الظروف والاحتلال معاً، وأن الشخصيات المعروضة ليست خيالية، بل مزيج من تجارب واقعية عاشها سكان القطاع قبل أن يُسدل على حياتهم ستار الدمار.

المصدر: رويترز

Exit mobile version